پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص153

ولأنه ينعقد بالعجمية ، لأنها في معنى العربية ، فدل على أن المقصود في العقد معنى اللفظ دون اللفظ ، والتمليك في معنى النكاح فصح به العقد كالنكاح .

ودليلنا قوله تعالى : ( وَامْرَأةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحُهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ ) ( الأحزاب : 50 ) . فجعل الله تعالى النكاح بلفظ الهبة خالصاً لرسوله دون أمته ، فإن قيل : فالآية تدل على أن النبي ( ص ) أراد أن يجعلها الله له خالصة من دون المؤمنين ، وليس في الآية أمر من الله تعالى ، ولا أذن فيه ، فلم يكن في مجرد الطلب دليل على الإباحة .

قيل : قد اختلف الناس هل كان عند النبي ( ص ) امرأة وهبت نفسها منه فذهب جمهورهم إلى أنه قد كان عنده امرأة وهبت نفسها له واختلفوا فيه على ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنها أم شريك قاله عروة بن الزبير .

والثاني : أنها خولة بنت حكيم ، قالته عائشة .

والثالث : أنها زينب بنت خزيمة أم المساكين ، قاله الشعبي .

فعلى هذا لو لم يكن في الآية دليل على الإباحة إلى ما شاء له من التخصيص لكان فعله دليلاً عليه

وقال آخرون : لم يكن عند النبي ( ص ) امرأة وهبت نفسها له ، وهذا قول ابن عباس ومجاهد [ وتأويل من قرأ بالكسر ‘ إن وهَبَتْ ‘ ] محمول على المستقبل ومن قال بالأول فهو بقراءة من قرأ بالفتح ‘ أن وهبت ‘ [ على الماضي ] ٍ وتأويله على هذا أن يكون سياق الآية دليلاً على التخصيص لأن قوله : ( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا للنَّبِيِّ ) ( الأحزاب : 50 ) . حكاية للحال وقوله : ( إنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحُهَا ) إخبار عن حكم الله ثم قال : ( خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ ) مواجهة من الله تعالى له بالحكمة من غير أن يكون من رسوله طلب فلم يجز أن يكون محمولاً إلا على ابتداء الحكم وبيان التخصيص .

فإن قيل : إنما خص بسقوط المهر ليكون اختصاصه به مفيداً ، ولم يخص أن يعقد بلفظ الهبة ، لأن اختصاصه به غير مفيد قيل : بل هو محمول على اختصاصه بالأمرين اعتباراً بعموم الآية وليكون اختصاصه بحكم اللفظ في سقوط المهر هو المفيد لاختصاصه بنفس اللفظ ، لأنه لو انعقد نكاح غيره بهذا اللفظ لتعدي حكمه إلى غيره فيبطل التخصيص ، ويدل على ما ذكرنا من طريق السنة ما رواه أبو شيبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( ص ) في حجة الوداع : ‘ إن النساء عوان عندكم لا يملكن من أمورهن شيئاً إنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكتاب الله ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن