پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص152

باب الكلام الذي ينعقد به النكاح والخطبة قبل العقد من الجامع من كتاب التعريض بالخطبة ، ومن كتاب ما يحرم الجمع بينه

قال الشافعي رحمه الله : ‘ أسمى الله تبارك وتعالى النكاح في كتابه باسمين النكاح والتزويج ودلت السنة على أن الطلاق يقع بما يشبه الطلاق ولم نجد في كتابٍ ولا سنةٍ إحلال نكاحٍ إلا بنكاحٍ أو تزويجٍ والهبة لرسول الله ( ص ) مجمعٌ أن ينعقد له بها النكاح بأن تهب نفسها له بلا مهرٍ ، وفي هذا دلالةٌ على أنه لا يجوز النكاح إلا باسم التزويج أو النكاح ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال النكاح لا ينعقد إلا بصريح اللفظ دون كتابته ، وصريحه لفظان : زوجتك ، وأنكحتك فلا ينعقد النكاح إلا بهما سواء ذكر فيه مهراً أو لم يذكر .

وقال أبو حنيفة : ينعقد النكاح بالكتابة كانعقاده بالصريح ، فجوز انعقاده بلفظ البيع ، والهبة ، والتمليك ولم يجزه بالإحلال والإباحة ، واختلف الرواة عنه في جوازه بلفظ الإجارة ، وسواء ذكر المهر أو لم يذكره .

وقال مالك : إن ذكر مع هذه الكتابات المهر صح ، وإن لم يذكره لم يصح فاستدلوا على انعقاد النكاح بالكتابة برواية معمر عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي : أن امرأة جاءت إلى النبي ( ص ) فوهبت نفسها له فصمت ثم عرضت نفسها عليه وهو صامت فقام رجل أحسبه قال : من الأنصار فقال : يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجينها ؟ فقال : لك شيء ؟ قال ( لا ) والله يا رسول الله قال اذهب فالتمس شيئاً ولو خاتماً من حديد ، فذهب ثم رجع فقال : والله ما وجدت شيئاً إلى ثوبي هذا ، أشقه بيني وبينها ، فقال النبي ( ص ) : ‘ عليك ، ما في ثوبك فضلٌ عنك ، فهل تقرأ من القرآتن شيئاً فقال : نعم ، قال : ماذا ؟ قال : ماذا سورة كذا وكذا ، قال : فقد أملكناكها بما معك من القرآن ، قال : فلقد رأيته يمضي وهي تتبعه فدل صريح هذا الحديث على أن انعقاد النكاح بلفظ التمليك وصار حكم الكناية في انعقاده 0 كالصريح ، ولأنه عقد يقصد به التمليك فجاز أن ينعقد بلفظ التمليك كالبيع أو لأنه عقد يستباح به البضع فجاز أن يستفاد بلفظ الهبة كتمليك الإماء ولأن ما انعقد به نكاح النبي ( ص ) انعقد به نكاح أمته كالنكاح ، ولأنه أحد طرفي النكاح فجاز أن يستفاد بالصريح والكتابة كالطلاق .