الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص132
فأما المعنى عليه فلا يجوز للأب تزويجه ، لأن الإغماء مرض يرجى سرعة زواله بخلاف الجنون فأما الذي يجن في زمان ويفيق في زمان فليس للأب تزويجه لا سيما إن كان زمان إفاقته أكثر ، لأنه قد يقدر على العقد في زمان الإفاقة .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا زوج الأب ابنه المجنون أو تزوج الابن وهو عاقل ثم جن فليس للأب أن يخالع عنه ، لأن الخلع لا يتم إلا بالطلاق والطلاق لا يقع إلا من الأزواج .
روى ابن عباس أن رجلاً أتى النبي ( ص ) فقال يا رسول الله : إني زوجت عبدي امرأة وأريد أن أطلقها منه فقال : ‘ ليس لك طلاقها ، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق ‘ ولأن الطلاق إزالة ملك يقف على شهوات النفوس لا يراعى فيه الأصلح والأولى ، لأنه قد يطلق العفيفة والجميلة ويمسك الفاجرة القبيحة فلم يجز أن يراعى فيه شهوة غير المالك ، لأن تصرف الولي في حق غيره يعتبر فيه المصلحة دون الشهوة فلذلك لم يكن للولي أن يطلق على المولى عليه وجاز أن يبيع ماله عليه اعتباراً بالمصلحة فيه فافترقا ، وإذا لم يكن للأب أن يطلق على ابنه الصغير أو المجنون فكذلك العبد لا يجوز أن يخالع عنه ، لأنه معاونه على طلاق لا يصح منه والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا ادعت امرأة المجنون عليه العنة لم تسمع دعواها عليه ؛ لأنه لا حكم لقوله ولا على وليه لأن ثبوته يوجب حقاً على غيره ؛ ولأن صدقها الولي على عنته جاز أن يضرب لها أجل العنة ، لأنه لو كان عاقلاً جاز أن ينكرها ، وهكذا لو كان الزوج عاقلاً فيضرب لها أجل العنة ، ثم جن قبل انقضاء المدة لم يجز إذا انقضت المدة وهو على جنونه أن يخير في فسخ نكاحه ؛ لأنه لو كان عاقلاً لجاز أن يدعي وطئها إن كان ثيباً ومنعها إن كانت بكراً فيكون القول قوله في الحالين .
قال الماوردي : وهذا صحيح لا يجوز للأب أن يخالع عن بنته المجنونة من مالها لأمرين :