الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص131
على مالها فإن كانت ثيباً نظر فإن كانت كبيرة زوجها أبوها أو جدها فإن لم يكن لها أب ولا جد زوجها الحاكم دون سائر العصبات ، وإن كانت صغيرة ثيباً فليس لغير الأب والجد تزويجها حتى تبلغ ، وهل للأب والجد تزويجها قبل البلوغ أم لا ؟
على وجهين :
أحدهما : لا يجوز حتى تبلغ ، لأنه لا حاجة بها إلى الزوج قبل البلوغ ، وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة .
والوجه الثاني : أنه يجوز تزويجها قبل البلوغ بخلاف العاقلة التي يرجي صحة إذنها بالبلوغ ولا يجرى صحة إذن المجنونة بعد البلوغ فافترقا ، فأما قوله فإن لها فيه عفافاً وغنى وربما كان شفاء ، فهذا تعليل بجواز تزويج البالغ المجنونة ، فأما العفاف فيريد به من الزنا ، وأما الغنى فتغنى باكتساب المهر والنفقة ، وأما الشفاء فربما كان من شدة المانخوليا وقوة الشبق فتبرأ إن جومعت والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال : لا يخلو حال الابن إذا أراد الأب أن يزوجه من أحد حالين ، إما أن كون عاقلاً أو مجنوناً ، فإن كان عاقلاً لم يخل حاله من أن يكون بالغاً أو صغيراً ، فإن كان بالغاً فلا ولاية عليه للأب في نكاحه ، فإن زوجه بغير إذنه كان النكاح باطلاً حتى يكون هو المتولي للعقد أو الأذن فيه وإن كان صغيراً جاز للأب تزويجه في صغره فآن ابن عمر زوج ابناً له وهو صغير ؛ ولأنه محتاج إليه في الأغلب إذا بلغ فعجل الأب له ذلك ليألف صيانة الفرج ، وربما رغب الناس فيه لكفالة الأب فإن زوجه واحدة لزمه نكاحها وليس له بعد البلوغ خيار ، فإن أراد الفراق فبالطلاق ، وإن أراد الأب تزويجه بأكثر من واحدة ففيه وجهان :
أحدهما : لا يجوز ، لأن له في الواحدة غناء .
والوجه الثاني : وقد حكي عن الشافعي نصاً أنه يجوز أن يزوجه تمام أربع ، لأن معنى الواحدة موجود فيهن ، وإن كان الابن مجنوناً فله حالتان : صغير ، وكبير ، فإن كان صغيراً لم يكن للأب تزويجه لعدم حاجته باجتماع جنونه مع صغره ، وإن كان للأب تزويج بنته الصغيرة المجنونة ، والفرق بينهما أن البنت قد تكتسب بالتزويج المهر والنفقة ، والابن ملتزمهما ، وإن كان الابن بالغاً فإن لم يكن به إلى التزويج حاجة لم يزوجه وإن كان محتاجاً وحاجته تكون من أحد وجهين : إما أن يرى متوثباً على النساء لكثرة شهوته وقوة شبقه ، وأما أن يحتاج إلى خادم وخدمة الزوجة أرفق به لفضل حنوها وكثرة شفقتها فيجوز له حينئذ تزويجه بواحدة لا يزيده عليها ؛ لأن له فيها غناء ، فإن أفاق من جنونه كان النكاح على لزومه .