الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص127
أشهر وعشر عدة الوفاة أو ثلاثة أقراء عدة الوطء وهي محرمة على الثاني في زمان عدتها من الأول ، وإن كانت زوجته وإن كان نكولها لغير اعتراف بل كانت على تكذيب الثاني ، وتصديق الأول رد اليمين بعد نكولها على المكذب فإن نكل المكذب عنها استقر نكاح الأول وإن حلف فقد قابل تصديق الأول يمين الكذب فيكون يمين المدعي بعد نكول المدعى عليه وقد اختلف قول الشافعي في يمين المدعي بعد نكول المدعى عليه هل يقول مقام البينة أم مقام الإقرار على قولين : أحدهما : أنها تقوم مقام البينة فعلى هذا تكون زوجة الثاني ويزول عنها نكاح الأول ؛ كما لو أقام الثاني بينة بعد تصديقها للأول ، وهذا محكي عن أبي علي بن خيران مع بعده .
والقول الثاني : أنها تقوم مقام الإقرار ، فعلى هذا قد كان مع الأول إقرار منها وقد صار مع الثاني إقرار قد لزم عنها فصار إقرارين ، وقد اختلف أصحابنا فيهما هل يكون حكمهما حكم إقرارين وقعا معاً ، لأن يمين الثاني أوجبها نكولها عن اليمين المستحقة بالإقرار الأول فلم يتقدم حكم أحد الإقرارين على الآخر ، وهذا قول أبي إسحاق المروزي فعلى هذا يبطل النكاحان معاً ؛ كما لو أقرت لهما في حالة واحدة .
والوجه الثاني : أنهما في حكم إقرارين مترتبين وقع أحدهما بعد الآخر ، لأن يمين الثاني جعلته في حكم المقر له وهي متأخرة ، فصار الإقرار له متأخر عن الإقرار الأول ، وهذا قول جمهور أصحابنا فعلى هذا تكون زوجة للأول دون الثاني كما لو أقرت لثاني بعد أول ، وهل يرجع الثاني عليها بمهر مثلها أم لا ؟ على ما مضى من القولين ، فإن طلب الثاني في هذه الحال إحلاف الأول ففيه وجهان :
أحدهما : ليس له إحلافه ؛ لأن المدعى عليه غيره ولو مات لم تصر زوجة للثاني ، لأنها منكرة وإن نزلت في بعض أحوالها منزلة المقرة .
والوجه الثاني : له إحلافها ولو نزل عنها فحكم بها زوجة للثاني لأجرينا عليها أحكام المقرة من غير تبعيض فهذا حكم المسألة وما انتهت إليها أقسامها وأحكامها .