الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص117
المسلم تزويج أمته الكافرة وهو ظاهر كلام الشافعي ؛ لأنه قال : ‘ ولا يكون المسلم ولياً لكافرة إلا على أمته ‘ ووجه شيئان :
أحدهما : أنه ولاية لم تستحق بموالاة النسب فلم يؤثر فيها اختلاف الدين كالولاية بالحكم .
والثاني : أن السيد يتوصل إلى الكسب فلم يؤثر اختلاف الدين كما لم يؤثر الفسق .
والوجه الثالث : وهو قول أبي إبراهيم المزني ، وأبي القاسم الداركي وطائفة ، أن إسلام السيد يمنعه من تزويج أمته الكافرة كما يمنعه من تزويج ابنته وحمل غير المزني قول الشافعي ‘ إلا على أمته ‘ على أحد وجهين : إما حكاية عن مذهب غيره ، وإما على أمته في عقد الإجارة على منافعها دون بضعها استدلالاً بأن في تزويجه لها تغليباً لولاية النكاح دون الكسب ، لأن المرأة لا تزوج أمتها وإن ملكت عقد اكتسابها فأما المزني : فإنه اعترض على الشافعي رضي الله عنه فيما نقله من استدلاله له بحديث أم حبيبة وتوهم أنه استدل به في تزويج المسلم لأمته الكافرة وهذا خطأ في التوهم ؛ لأن الشافعي إنما استدل به على أن الكافر لا يزوج بنته المسلمة ، وهو دليل عليه وبالله التوفيق .
قال الماوردي : وهذا صحيح وذكر الشافعي رضي الله عنه الأسباب المانعة من ولاية النكاح ، فقال : ‘ فإن كان الولي سفيهاً ‘ وفيه تأويلان :
أحدهما : أنه المجنون ، لأنه سفيه العقل .
والثاني : أنه المفسد لماله ودينه ؛ لأنه سفيه الرأي .
فأما المجنون فلا ولاية له ؛ لأنه لما أزال الجنون ولايته على نفسه فأولى أن يزيل ولايته على غيره ، فلو كان يجن في زمان ويفيق في زمان فلا ولاية له في زمان جنونه ، فأما زمان إفاقته فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون فيه بليداً مغموراً فلا يصح فكره ولا يسلم تمييزه فلا ولاية له في زمان إفاقته كما لا ولاية له في زمان جنونه .
والضرب الثاني : أن يكون فيه سليم الفكر صحيح التمييز ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون زمان إفاقته أكثر من زمان جنونه فله الولاية في زمان الإفاقة .
والضرب الثاني : أن يكون زمان إفاقته أقل من زمان جنونه ففي عود الولاية إليه في زمان الإفاقة وجهان :
أحدهما : يعود إليه لعدم ما يمنع منها .