الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص116
وكان أبوها وأخوتها كفاراً وهي مسلمة مهاجرة بأرض الحبشة تزوجها من أقرب عصباتها من المسلمين ، وهو خالد بن سعيد بن العاص فدل على انتقال الولاية بالكفر عمن هو أقرب إلى من ساواها في الإسلام ، وإن كان أبعد فلأن الله تعالى قد قطع الموالاة باختلاف الدين فلم يثبت الولاية معه كما لم تثبت الميراث ، وإنما الولاية إنما شرعت لطلب الحظ لها ودفع العار عنها واختلاف الدين يصد عن هذا أو يمنع منه كما قال تعالى : ( لاَ يَرْقَبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَلاَ ذِمَّةً ) ( التوبة : 10 ) .
فأما القسم الأول : وهو الولاية بالنسب فلا يثبت عليها إلا لمن إذا شاركها في النسب ساواها في الدين ، ويراعي أن يكون رشيداً في دينه كما يراعي رشد الولي المسلم فلو كانت الكافرة نصرانية وكان لها أخ نصراني ، وأخ مسلم ، وأخ يهودي وأخ مجوسي ولا ولاية عليها للمسلم ويكون النصراني واليهودي والمجوسي في الولاية عليها سواء كما يشاركون في ميراثها ، ولا يختص بها النصراني منهم ؛ لأن الكفر كله ملة واحدة ، فلو كان في أخوتها مرتد عن الإسلام فلا ولاية له عليها كما لا ميراث له منها ، ولأن المرتد مولى عليه فلم يجز أن يكون ولياً ، فلو كانت المرأة مرتدة ، وكان لها أخ مسلم ، وأخ مرتد وأخ نصراني فلا ولاية عليها لواحد منهم كما لا يرثها واحد منهم ، ولا يجوز أن يتزوج بمسلم ولا كافر ولا مرتد ، لأن الردة مانعة من استباحة نكاحها .
وأما القسم الثاني : وهو الولاية بالحكم فيثبت للمسلم على الكافرة ؛ لأنها لا تستحق بالموالاة بالنسب فيمتنع اختلاف الدين منها ؛ وإنما تستحق بالولاية التي تثبت على الكافر كثبوتها على المسلم ، فإذا عدمت الكافرة منها شيئاً من عصبتها الكفار زوجها حاكم المسلمين بكف من الكفار ، أو المسلمين فإن دعت إلى زوج مسلم وجب على الحاكم تزويجها به ؛ لأنه إذا تقاضى إلى حاكم المسلمين مسلم وكافر لزمه الحكم بينهما ، وإن دعت إلى زوج كافر فإن كان من أهل العهد كان حاكم المسلمين بالخيار بين أن يزوجها به أو الإعراض عنها كما يكون بالخيار في الحكم بينهما إذا تقاضيا إليه ، وإن كانا من أهل الذمة فهل يلزم الحاكم تزويجها أم لا ؟ على قولين : من اختلاف قوليه في وجوب الحكم بينهما عند الترافع إليه فإن زوجها لم يعقد نكاحها إلا شاهدين مسلمين ولا يجوز أن يعقده به أهل دينها ؛ لأن الإسلام والعدالة شرط في الشهادة .
وأما القسم الثالث : وهو الولاية بالملك فقد اختلف أصحابنا في ثبوتها للسيد المسلم على أمته الكافرة على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي ، وأبي سعيد الإصطخري أنه يجوز للسيد