الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص114
تصح ولايته ، وإن أخل بأحد هذه الأوصاف فوكل امرأة ، أو صغيراً ، أو مجنوناً ، أو عبداً ، أو كافراً ، أو سفيهاً لم يجز وكانت الوكالة باطلة ، فإن عقد بها كان العقد فاسداً فإذا تكاملت في الوكيل هذه الشروط الست لم يحل حال الولي الموكل له من أحد أمرين :
إما أن يكون ممن يجبر على النكاح كالأب والجد مع البكر ، أو ممن لا يجبر عليه كسائر الأولياء مع الثيب ، أو كغير الأب والجد مع البكر والثيب ، فإن كان الولي ممن يجبر على النكاح كالأب والجد مع البكر فإن له أن يوكل بإذنها وغير إذنها كما يجوز له تزويجها بإذنها وغير إذنها لكن هل يلزمه أن يعين لوكيله على الزوج أو يرده إلى اختياره فيه قولان :
أحدهما : يجوز أن يرده إلى اختياره ؛ لأنه قد أقامه بالتوكيل مقام نفسه فلم يلزمه التعيين كالتوكيل في الأموال ، فعلى هذا يلزمه أن يختار لها كفء ، والأولى به إذا أراد تزويجها بمن قد اختاره لها أن يستأذنها فيه وأذنها معه الصمت كإذنها مع الأب فإن زوجها به من غير استئذانه صح النكاح كالأب إذا زوج بغير إذن ، فلو أن الولي على هذا القول عين لوكيله على الزوج سقط اختيار الوكيل ولم يكن له تزويجها بغير من عين له عليه كالوكيل في الشراء إذا عين على ما يشتريه .
والقول الثاني : أن على الولي أن يعين لوكيله في عقد الوكالة على الزوج الذي زوجها به ولا يرد ذلك إلى خياره ؛ لأن معنى الولي في لحوق عارها معقود في وكيله فلم يقم اختيار الوكيل مقام اختياره ، وفارق التوكيل في الأموال التي لا يراعي في اختيارها لحوق العار .
فعلى هذا متى زوجها الوكيل بكفء وغير كفء كان النكاح باطلاً لفساد الوكالة ، فلو عين له أن يزوجها بأحد رجلين نظر ، فإن كان الولي قد اختارهما ورد العقد على أحدهما إلى خيار وكيله جاز وإن لم يكن من الولي اختيار بل رد ذلك إلى اختيار وكيله وخياره ، ثم الاعتبار بأن لا يكون للولي خيار .
أحدهما : وهو اختيار أبي علي بن أبي هريرة أنه لا يصح توكيله إلا بإذنها ؛ لأنه نائب عنها وأشبه الوكيل الذي لا يجوز له أن يوكل فيما هو وكل فيه إلا عن إذن موكله فعلى هذا إن لم يستأذنها الولي في توكيله فزوجها الوكيل بإذنها أو غير إذنها كان النكاح باطلاً لفساد الوكالة ، ولو استأذنها الولي فيه بعد عقد الوكالة لم تصح الوكالة حتى يستأذنها الولي بعد إذنها في توكيله ، فإذا وكله بعد إذنها وكان وكيلاً لهما جميعاً فإن رجعت في توكيله بطلت الوكالة ، ولم يكن له أن يزوج .
والوجه الثاني : وهو اختيار أبي إسحاق المروزي الوكالة جائزة وإن لم يستأذنها الولي في عقدها ؛ لأنه موكل في حق نفسه الذي ثبت به بالشرع لا بالاستنابة فأشبه الأب وخالف الوكيل المستناب ، فعلى هذا تصح الوكالة وإن لم يستأذن المرأة في عقدها ويكون هو وكيلاً