پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص113

مسألة

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ ووكيل الولي يقوم مقامه فإن زوجها غير كفؤٍ لم يجز ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال : الوكالة في التزويج جائزة .

وقال أبو ثور : لا يجوز استدلالاً بأن الولي لما لم يكن له أن يرضى بالولاية لم يكن له أن يوكل فيها ؛ ولأن الولي نائب فلم يكن أن يوكل من ينوب عنه كالوكيل الذي يجوز أن يوكل غيره ، وهذا خطأ لقوله ( ص ) : ‘ أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ‘ وإذن الولي إنما صح في الوكالة لا للمنكوحة ، ولأن النبي ( ص ) وكل عمرو بن أمية الضمري في تزويج أم حبيبة بنت أبي سفيان بأرض الحبشة فأصدقها النجاشي عنه أربعمائة دينار : فجعل عبد الملك بن مروان ذلك حد الصداق للشريفات من قومه ، ووكل رسول الله ( ص ) أبا رافع في تزويج ميمونة بنت الحارث الهلالية بمكة سنة سبع فردت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب فزوجها به ، وكان العباس زوج أختها أم الفضل ، فإن قيل : فهذا يدل على أن للمرأة أن تعقد على نفسها ؛ لأنها ردت أمرها إلى العباس ، ولم يكن ولياً لها فعن هذا أربعة أجوبة :

أحدها : أن هذا كان قبل استقرار الشرع في عقود المناكح واشتراط الولي .

والثاني : يجوز أن يكون تزويجه لها بأن كان سفيراً في العقد ومشيراً .

والثالث : أنه يجوز أن يكون وليها رد ذلك إليه فزوجها .

والرابع : قاله بعض أصحابنا أن النبي ( ص ) مخصوص أن ينكح بغير ولي .

ويدل على جواز الوكالة أن النكاح عقد يقصد فيه المعاوضة فصحت فيه الوكالة كالبيوع ، فأما الوصية به فإنها لم تصح لانقطاع ولايته بموته فصار موجباً في حق غيره وهو في الوكالة موكل مع بقاء حقه فصحت وكالته ، وإن لم تصح وصيته ، وأما الوكيل فلم يجز أن يوكل ؛ لأنه مستناب بعقد ، والولي يجوز أن يوكل ؛ لأنه مالك بالشرع فافترقا .

فصل

فإذا تقرر جواز الوكالة في النكاح جاز أن يوكل الولي والزوج ، ولم يجز أن يوكل الزوجة ، لأنه لا حق للزوجة في مباشرة العقد فلم يصح منها التوكيل فيه ، وإذا كان كذلك فحكم الوكالة فيه يتعلق بفصلين :

أحدهما : في توكيل الولي .

والثاني : في توكيل الزوج .

فأما توكيل الولي فلا يجوز أن يوكل فيه إلا من يصح أن يكون ولياً فيه وهو أن يكون ذكراً بالغاً حراً مسلماً رشيداً فإذا اجتمعت هذه الأوصاف الستة صح توكيله كما تصح