پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص112

وليسألهم عن كفاءة زوجها استطابة لنفوسهم كما أمر رسول الله ( ص ) نعيماً أن يشاور ابنته إن لم يكن لها في الولاية حق ، ولأنهم أعرف بحالها وحال الزوج لمكان اختصاصهم وكثرة فراغهم من الحاكم فإذا أحضرهم الحاكم للمشاورة في نكاحها كان معهم فيه بالخيار بين أمرين : أن يقول لهم اختاروا زوجاً ، فإذا اختاروا نظر الحاكم في كفاءته فإن كان كفء زوجها عن إذنها وإن كان غير كفء لم يزوجها به وإن أذنت فيه ورضيه أهلها ؛ لأن للغائب حقاً في طلب الأكفاء لها ، وبين أن يختار الحاكم لها كفء ثم يسأل الأولياء عنه بعد إذن الزوجة فيه فإن لم يقدحوا في كفاءته زوجها به سواء أرادوه أو لم يريدوه ، فإن قدحوا فيه نظر الحاكم فيما ذكروه من القدح فإن كان مانعاً من الكفاءة لم يزوجها به والتمس لها غيره ، وإن كان غير مانع من الكفاءة زوجها به وإن كرهوه ؛ لأن المعتبر رضى المنكوحة دونهم وإنما يعتبر منهم اختيار الأكفاء ويستحب للحاكم إذا تعذر تزويجها بمن يقع عليه الاختيار أن يرد العقد إلى الحاضر دمن أوليائها ليكون عقده متفقاً على صحته فإن لم يفعل وتفرد بالعقد من غير مشاورتهم جاز والله أعلم .

مسألة

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ ولو عضلها الولي زوجها السلطان والعضل أن تدعو إلى مثلها فيمتنع ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح .

إذا دعت المرأة وليها إلى تزويجها فعليه إجابتها وهو حرج إن امتنع قصداً للإضرار لقوله تعالى : ( فَلاَ تَعْضِلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ ) ( البقرة : 232 ) فإن عضلها لم يخل أن يكون في درجته من العصبات غيره أم لا فإن كان في درجة غيره كأنه واحد من أخوتها ، أو واحد من بني عمها عدلت عنه إلى من في درجته من أخوتها ، أو بني عمتها ، وليس للحاكم معهم مدخل إذا زوجها غير العاضل من تساوا به في النسب ، وإن لم يكن في درجته من الأولياء أحد وكانوا أبعد منه تساو عدلت عن الفاضل إلى الحاكم ولم تعدل إلى البعيد في النسب ؛ لأن عضله لا يزيل ولايته ، وعلى الحاكم أن يحضره ، ويسأله عن سبب عضله ؛ فإن كان الزوج الذي دعت إليه غير كفء لم يكن عاضلاً ؛ لأن له أن يمنعها من نكاح غير الكفء ، ولم يكن للحاكم أن يزوجها به .

وقال لها : إن أردت زوجاً فالتمسي غيره من الأكفاء وإن كان الزوج الذي دعت إليه المرأة كفء وكان امتناع الولي لكراهته وبغضه لا لعدم كفاءته صار الولي حينئذ عاضلاً .

قال الشافعي : ‘ والعضل أن تدعو إلى مثلها فيمتنع ‘ فحينئذ يأمره الحاكم بتزويجها ولا يتولاه الحاكم ما لم يتم الولي على الامتناع فإذا أجاب وزوج بعد الامتناع زالت يد الحاكم عن العقد ، وإن أقام على الامتناع زوجها الحاكم حينئذٍ عنه لقوله ( ص ) : ‘ فإن اشتجروا أو قال : اختلفوا فالسلطان ولي من لا ولي له ‘ ؛ ولأن تزويجها حق على وليها ومن وجب عليه حق فامتنع منه أخذه الحاكم به جبراً فقام مقامه في إدائه كقضاء الديون من ماله .