الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص109
أحدهما : أنه أحد بدلي عقد النكاح فجاز للأولياء الاعتراض فيه كالبضع .
والثاني : أن ما اعترض به الأولياء في نكاح الصغيرة اعترضوا به في نكاح الكبيرة كالكفاءة ، ولأن في بعض المهر عاراً على الأهل بجهرهم بكثيره وإخفائهم لقليله فصار دخول العار عليهم في نقصانه كدخوله عليهم في نكاحٍ غير كفوءٍ ، فكان لهم رفع هذا العار عنهم بالمنع منه ؛ ولأن في نقصان مهرها ضرراً لاحقاً بنساء أهلها غير اعتبار مهر أمثالهن بها ، وقد قال رسول الله ( ص ) : ‘ لا ضرر ولا ضرار ‘ .
ودليلنا رواية عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة تزوجت على نعلين فقال رسول الله ( ص ) : ‘ أرضيت من نفسك وما لك بهاتين النعلين ‘ قالت نعم ‘ فأجاز ‘ ومن هذا الحديث دليلان :
أحدهما : أنه اعتبر رضاها به دون الأولياء .
والثاني : أنه لم يسأل هل ذلك مهر مثلها ؟ فدل على أن نقصان المهر ورضا الأولياء غير معتبرين ولأن ما ملكت الإبراء منه ملكت تقديره كالأثمان ، ولأن ما ثبت لها في الأثمان ثبت لها في المهور كالإبراء ؛ ولأن ثبوت الولاية عليها في بضع لا يوجب ثبوت الولاية عليها في بدل .
أصله : مهر أمثالها ؛ ولأن لها منفعتين : منفعة استخدام ؛ ومنفعة استمتاع ، فلما لم يملك الأولياء الاعتراض عليها في الاستخدام إذا أجرت نفسها بأقل من أجرة مثلها لم يملكوا الاعتراض في الاستمتاع إذا زوجت نفسها بأقل من مهر مثلها .
وتحريره قياساً : أنه أحد المنفعتين فلم يملك أولياؤها مع جواز أمرها الاعتراض عليها في بدله كالإجارة ؛ ولأن وجوب المهر قد يكون تارة عن اختيار ومراضاة وذلك في العقود ، وتارة عن غير اختيار ومراضاة وذلك في إصابة الشبهة وما شاكله فلما ملكت فحقيقة إذا وجب بغير اختيارها فأولى إن تملك بحقيقة إذا وجب باختيارها ؛ لأنه مع الاختيار أخف ومع عدمه أغلظ ، ولأن يلحق الأولياء من العار إذا نكحت بأخس الأموال جنساً كالنوى وقشور الرمان أكثر ما يلحقهم إذا نكحت بأقل المهور قدراً ، فلما لم يكن للأولياء الاعتراض عليها في خسة الجنس لم يكن لهم الاعتراض عليها في نقصان القدر فأما الجواب عن قوله ( ص ) : ‘ أدوا العلائق ‘ فهو أنه أمر الأزواج بأداء العلائق وقوله : ‘ إن