پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص107

والرتق وإنما اعتبرت هذه العيوب الخمسة في الكفاءة ، لأنه لما أوجبت وجودها فسخ النكاح الذي لا يوجبه نقص النسب فأولى أن تكون معتبرة في الكفاءة كالنسب .

فأما العيوب التي لا توجب وتنفر منها النفس كالعمى والقطع ، والزمانة وتشويه الصورة ، ففي اعتبارها في الكفاءة وجهان :

أحدهما : يعتبر لعدم تأثيرها في عقود المناكح .

والثاني : يعتبر لنفور النفس منها ولحصول المعرة بها ، وقد روي أن النبي ( ص ) قال لزيد بن حارثة : ‘ أتزوجت يا زيد ‘ ، قال : لا ، قال ‘ تزوج فتستعف مع عفتك ، ولا تزوج من النساء خمساً ‘ ، قال : وما هن يا رسول الله ، قال : ‘ لا تزوج شهبرة ولا لهبرة ولا نهبرة ولا هدرة ولا لفوتا ‘ ، قال : يا رسول الله : لا أعرف مما قلت شيئاً . فقال : ‘ أما الشهبرة : فالزرقاء البذية ، وأما اللهبرة : فالطويلة المهزولة ، وأما النهبرة : فالعجوز المدبرة ، وأما الهبدرة : فالقصيرة الدميمة ، وأما اللفوت : فذات الولد من غيرك ، لو لم يكن لهذه الأحوال ونظائرنا أثراً في الكفاءة لما أمر بالتحرز منها ‘ .

فصل : القول فيما إذا تزوجت المرأة من غير كفء

فإذا تقرر ما وصفنا من شروط الكفاءة ونكحت المرأة غير كفءٍ لم يخل نكاحها من ثلاثة أقسام :

أحدهما : إن يكون قد رضيته الزوجة وكرهه الأولياء ، فالنكاح باطل على ما قدمناه اعتباراً بحقوق الأولياء فيه .

والقسم الثاني : أن يكون قد رضيه الأولياء وكرهته الزوجة فالنكاح باطل اعتباراً لحقها فيه حتى لا يعرها من لا يكافئها .

والقسم الثالث : أن يكون قد رضيته الزوجة والأولياء فالنكاح جائز .

وقال مالك ، وعبد الله بن الماجشون : النكاح باطل .

وقال الثوري يفسخ النكاح بينهما ولا يفرق ، وحكي نحوه عن أحمد بن حنبل استدلالاً بما روى عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ولا يزوجهن إلا الأولياء ‘ . فلما منع من إنكاح غير الكفء كما منع من نكاح غير الولي دل على بطلانه لغير الكفء كما بطل بغير الولي ؛ وبما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال : ‘ لا يملك الإيضاح إلى الأكفاء ‘ .

ودليلنا عموم قوله تعالى : ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ) ( النساء آية : 3 ) ولأن النبي ( ص ) قد زوج بناته ولا كفء لهن من قريب ولا بعيد ؛ لأنهن أصل الشرف ، وقد زوج فاطمة بعلي ، وزوج أم كثلوم ورقية بعثمان ، وزوج زينب بأبي العاص بن الربيع ، وقد روي