الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص102
يَنْكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا إلاَّ زَانٍ أوْ مُشْرِكٍ ) ( النور : 3 ) . وقال تعالى : ( أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لاَ يَسْتَوُونَ ) ( السجدة : 18 ) .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً ‘ .
فأما المسلمان إذا كان أبوا أحدهما مسلمين وأبوا الأخير كافرين فإنهما يكونا كفئين .
وقال أبو حنيفة : لا تكافؤ بينهما لأنه لما لم يتكافئ الآباء لم يتكافئ الأبناء ، وهذا خطأ ، لأن فضل النسب يتعدى وفضل الدين لا يتعدى ، لأن النسب لا يحصل للأبناء إلا من الآباء فتعدى فضله إلى الأبناء ، والدين قد يحصل للأبناء بأنفسهم من غير الآباء فلم يتعد فضله إلى الأبناء .
فأما الشرط الثاني : وهو ‘ النسب ‘ فمعتبر بقوله ( ص ) : ‘ تنكح المرأة لأربع : لمالها ، وحسبها ‘ يعني بالحسب النسب ‘ .
وروي عنه ( ص ) أنه قال : ‘ إياكم وخضراء الدمن ‘ وما خضراء الدمن قال ذلك مثل المرأة الحسناء من أصل خبيث ‘ ، وإذا كان كذلك فالناس يترتبون في أصل الأنساب ثلاث مراتب : قريش ، ثم سائر العرب ، ثم العجم .
فأما قريش فهي أشرف الأمم لما خصهم الله تعالى به من رسالته وفضلهم به من نبوته ولقوله ( ص ) : ‘ قدموا قريشاً ولا تقدموها ، وتعلموا من قريش ولا تعلموها ‘ فلا يكافئ قريشياً أحد من العرب والعجم .
واختلف أصحابنا هل تكون قريشاً كلهم أكفاء في النكاح على وجهين :
أحدهما : – وهو مذهب البصريين من أصحابنا ، وبه قال أبو حنيفة – : أن جميع قريش أكفاء في النكاح ، لأن النبي ( ص ) قال : ‘ الأئمة من قريش ‘ فلما كان جميع قريش في الإمامة أكفاء ، فأولى أن يكونوا في النكاح أكفاء ‘ .
والوجه الثاني : – وهو مذهب البغداديين من أصحابنا – أن قريشاً يتفاضلون بقربهم من رسول الله ( ص ) ولا يتكافؤن ، لرواية عائشة عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ نزل علي جبريل فقال