الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص85
قال الماوردي : إذا أعتق السيد أمته على أن تتزوج به ويكون عتقها صداقها ، أما إن ابتدأها بذلك أو سألته فأجابها إلى ذلك فقد عتقت ، وهي بالخيار في الحالين بين أن تتزوج به أو لا تتزوج .
وقال أحمد بن حنبل : قد صارت له بهذا العتق زوجة من غير عقد .
وقال الأوزاعي : لا تصير زوجة بالعتق ولكن تخير على أن تتزوج به بعقد مستجد .
واستدل أحمد بأن رسول الله ( ص ) ‘ أعتق صفية ، وجعل عتقها صداقها ‘ ولم ينقل أنه عقد بعد العتق عليها ثم دخل بها .
واستدل الأوزاعي بأنه لو أعتقها على معلوم من خدمته أو عمل أخذت به جبراً فكذلك على التزويج .
ودليلنا : هو أن بدل العوض على نكاح في الذمة لا يصح كما لو أعطاها ألفاً على أن تتزوج به بعد يوم لم يصح كذلك هذا ، ولأن الذمة إنما ثبتت فيها الأموال ، والأعمال ، فالأموال كالقرض ، والسلم ، والأعمال كالبناء والخياطة ، فأما العقود فلا يثبت في الذمة كما لو أعطاه ثوباً على أن تبيعه داراً ، أو يؤجره عبداً لم يصح كذلك النكاح لا يثبت في الذمة بما نفذ من العتق ، وفي هذا الاستدلال انفصال عما استدل به الأوزاعي ، لأن قطع الخيار قبل ما يملك به استحقاق الخيار لا يصح كما لو أسقط الشفيع خياره في أخذ الشفعة قبل البيع ، لم يسقط الخيار بعد البيع كذلك خيار المعتقة في التزويج يكون بعد العتق فلا يصح إسقاطه قبل العتق ويدل على أحمد خصوصاً أن العتق مزيل لملك المعتق عن الرقبة والمنفعة فلم يجز أن يثبت به عقد النكاح الذي هو بعض تلك المنفعة ، لأن ما أوجب نفي شيء استحال أن يوجب إثباته وإثبات بعضه لكونهما ضدين متنافيين .
فأما استدلال أحمد بحديث صفية فعنه جوابان :
أحدهما : أنه قد روي أن النبي ( ص ) أعتقها وتزوجها فبطل استدلاله به .
والثاني : أن النبي ( ص ) مخصوص في مناكحه بما ليس لغيره .