الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص79
مستحق لبائعها لوجوبه في ملكه ، ولو كان السيد قد أمر عبده بشراء زوجته ، فإن أمره أن يشتريها لسيده فالنكاح بحاله وإن أمره أن يشتريها لنفسه لتكون أمة لبعد لا للسيد ففيه قولان :
أحدهما : بناء على اختلاف قوليه في العبد هل يملك إذا ملك أم لا ؟ فعلى قوله في القديم أنه يملك إذا ملك فالشراء للعبد وقد بطل النكاح ، لأن من ملك زوجته بطل نكاحها وعلى القول الجديد : أن العبد لا يملك إذا ملك فيكون الشراء للسيد والنكاح بحاله – والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا أذن السيد لعبده أن يتزوج حرة فتزوجها على صداق ألف ثم إن السيد ضمن لها ألف عن عبده صح الضمان لوجوبه كالديون ويكون الألف كسب عبده بالعقد ، وفي ذمة سيده بالضمان وهي بالخيار بين أن تطالب العبد بها من كسبه بحكم عقده أو تطالب السيد بها بحكم ضمانه ، فإن دفعها العبد من كسبه برئ السيد من ضمانها ، وإن دفعها السيد من ماله برئ العبد منها ولم يرجع السيد بها على عبده ، لأن السيد لا يثبت له في ذمة عبده مال فلو طلق هذا العبد زوجته نظر في طلاقه ، فإن كان بعد الدخول بها فقد استكملته وإن كان قبل الدخول بها ملك بالطلاق نصف الصداق ، فإن لم تكن الزوجة قبضت صداقها برئ الزوج من نصف وبرئ السيد من ضمان هذا النصف ، لأن براءة المضمون عنه توجب المرأة الضامن وبقي للزوجة نصف الصداق على العبد وعلى السيد ضمانه ، وإن كانت هذه الزوجة المطلقة قبل الدخول قد قبضت صدقها رجع عليها نصفه ، ثم لا يخلو حال المطلق من أحد أمرين .
إما أن يكون باقياً على ملك سيده عند طلاقه أو قد زال ملكه عنه فإن كان باقياً على ملكه فالسيد هو الراجع عليها بنصف الصداق لأنه من كسب عبده بالطلاق واكتساب العبد لسيده ، وإن كان ملك السيد قد زال عنه بعتقٍ أو بيع ففي مستحق هذا النصف من الصداق وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي حامد الإسفراييني أنه يستحقه العبد إن كان قد أعتق أو مشتريه إن كان قد بيع ولا حق فيه لسيده الدافع له ، لأن نصف الصداق كسب ما ملك بالطلاق والطلاق لم يكن في ملك السيد فلم يستحق ما ملك به بعد زوال ملكه وجرى ذلك مجرى الأب يزوج ابنه الصغير على صداق يدفعه الأب من ماله ثم يطلق الابن عند البلوغ قبل الدخول بزوجته فيملك الابن نصف الصداق ، ولا يعود إلى الأب وإن دفعه من ماله .
والوجه الثاني : – قاله أبو بكر بن الحداد في ‘ فروعه ‘ – أنه يكون للسيد ، لأن الصداق ماله فما رجع منه بالطلاق عاد إليه وإن زال ملكه عن العبد .