الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص78
إطلاق الأمر يقتضي حمله على ما ورد به الشرع ، ولأن هذا المهر ما وجب بالعقد ؛ وإنما وجب بالوطء الذي لم يكن فيه إذن ، فعلى هذا في محل هذا المهر القولان الماضيان :
أحدهما : في ذمة العبد .
والثاني : في رقبته .
أحدهما : أنه وجب بالعقد ثم سقط لئلا يكون كالموهوبة التي جعلت خالصة لرسول الله ( ص ) من دون المؤمنين .
والوجه الثاني : أنه لم يجب أصلاً ، لأنه لما كان ملك السيد مانعاً من استدامة استحقاقه كان مانعاً من ابتداء استحقاقه ، ألا تراه لو أتلف مال سيده لم يلزمه غرمه لا في الابتداء ولا في الاستدامة كذلك المهر ، ولمن قال بالأول أن ينفصل عنه بأن الأموال قد تجوز أن تملك بغير بدل والبضع لا يجوز أن يملك إلا ببدل ، فلو أن السيد بعد تزويج عبده بأمته أعتقهما معاً لم يكن له مطالبة عبده بالمهر بعد عتقه ؛ لأنه ما وجب عليه بالعقد ولا للأمة بعد عتقها مطالبة الزوج ولا السيد بمهرها ؛ لأنه ما وجب لها بالعقد .
واختلف أصحابنا هل هذا الشراء أسقط المهر أو منع من المطالبة مع بقاء المهر ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه قد أسقط المهر ، لأنه لما كان الملك مانعاً من ابتداء استحقاقه كان مانعاً من بقاء استحقاقه .
والوجه الثاني : أنه قد منع من المطالبة بالمهر ولم يسقطه ؛ لأن الحقوق ثابتة في الذمم لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء ، وليس الشراء واحداً منهما ، وتأثير هذين الوجهين يكون بعتق العبد أو بيعه .
فإن قيل إن الشراء قد أسقط ما عليه من المهر لم يكن للسيد مطالبة العبد بعد عتقه أو بيعه .
فإن قيل : إنه منع من المطالبة به ولم يسقطه كان للسيد مطالبته بعد عتقه أو بيعه .