پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص76

وجوبها ولا يستحقان في كسب تقدمها ؛ لأن الكسب لم يتعلق به إذن فصار خالصاً لسببه فلو كان العقد بمهر مؤجل استحق ذلك في الكسب الحادث بعد حلول الأجل ، وإذا كان كذلك قيل للسيد : عليك أن تخلي سبيل عبدك وترفع عنه يدك ليلاً ونهاراً ، أما النهار فللاكتساب الكسب والنفقة ، وأما الليل فللاستمتاع بالزوجة ثم لا سبيل لك إلى إبطال حقه من تمكينه ليلاً من نفسه ولك السبيل إلى منعه نهاراً من نفسه بالتزام المهر والنفقة ، لأن حقه في استمتاعه ليلاً لا بدل له فلم يسقط ولحقه من اكتساب النهار بدل يلتزمه السيد فقط ثم لا يخلو حال كسبه إذا مكن منه من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكون بقدر المهر والنفقة من غير زيادة ولا نقصان فلا حق فيه للسيد ولا عليه وقد خلص جميع كسبه له في نفقته ونفقة زوجته وكسوتها ومهرها .

والقسم الثاني : أن يكون كسبه أكثر من المهر والنفقة فللسيد الفاضل منهما .

والقسم الثالث : أن يكون المهر والنفقة أكثر من كسبه فعليه أن يخلي عليه جميع كسبه ليصرفه في المهر والنفقة ، ويكون حاله في الباقي عليه من المهر والنفقة كحال من لا كسب له ولا هو مأذون له في التجارة على ما سنذكره بعد .

فصل

فلو أن سيد هذا العبد المكتسب إذا استخدمه نهاراً لزمه جميع المهر والنفقة له ولزوجته سواء كان كسبه مساوياً لهما أو مقصوراً عنهما ؛ لأنه بالاستخدام كالضامن لهما ولو أن سيده لم يستخدمه ولكن حبسه في زمان كسبه لزمه غرم المهر والنفقة ولو حبسه غير سيده لزمه أجرة مثله .

والفرق بينهما أن السيد يلتزم ذلك في حق عبده فلزمه ما يستحقه العبد من مهر زوجته ونفقتها ، والأجنبي يضمن ذلك في حق السيد فلزمه قيمة ما استهلكه من منافعه .

مسألة

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ وإن كان مأذوناً له في التجارة أعطى مما في يديه ‘ .

قال الماوردي : وهذا القسم الثاني من أحوال العبد أن يكون مأذوناً له في التجارة فيكون ما لزمه من المهر والنفقة متعلقاً بمال التجارة ؛ لأن هذا المال في حق المأذون له في التجارة كمال الكسب في حق المكتسب لكونهما ملكاً للسيد الآذن لكن اختلف أصحابنا في المال هاهنا يقول الشافعي : أعطى مما في يديه على ثلاثة أوجه :

أحدها : أن يعطيه من مال الربح المستفاد بعد وجوبه فيعطي المهر من الربح المستفاد بعد العقد والنفقة من الربح المستفاد بعد التمكين كما قلنا في المكتسب إنه يعطيهما من كسب المستفاد بعد وجوبهما .

والوجه الثاني : أن يعطيهما من جميع ما بيده من الربح المستفاد قبل الوجوب وبعده ولا يعطيهما من أصل المال ؛ لأن جميعهما نماء المال ، والفرق بين الكسب ، والربح أن كسب العمل حادث في كل يوم وليس كسب التجارة حادثاً في كل يوم .