الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص72
أحدهما : إن لا يكون قد أعلمه وليه ، ولا استأذنه فمنعه فنكاحه باطل ؛ لأن ثبوت الحجر يمنع من جواز التصرف في العقد ، فعلى هذا إن لم يدخل بها فرق بينهما ولا شيء عليه وإن دخل بها فرق بينهما ثم ينظر فإن كانت عالمة بحجره فلا مهر عليه في حال الحجر ولا بعد فك الحجر وتصير كالمبرئة منه لعلمها بحجره ، وإن لم تكن عالمة بحجره فليس عليه في حال الحجر دفع المهر ، لأنه تصرف منع الحجر منه وفي لزومه له بعد فك الحجر عنه وجهان :
أحدهما : يلزمه دفعه بعد فك حجره لئلا يصير ممتنعاً ببعضها من غير بدل .
والوجه الثاني : لا يلزمه دفعه بعد فكاك الحجر عنه كما لم يلزمه قبل فكه عنه ليكون ماله بالحجر محفوظاً عليه كما لم تلزمه الزيادة على مهر المثل لهذا المعنى ، وليس جهلها بحاله عذراً لأنه قد كان يمكنها أن تستعلم فتعلم .
والضرب الثاني : أن يكون السفيه قد سأل وليه النكاح فمنعه واستأذنه فلم يأذن له ففي نكاحه وجهان :
أحدهما : باطل لتأثير الحجر في عقوده ، فعلى هذا يكون الكلام في المهر على ما مضى .
والوجه الثاني : أن النكاح جائز ، لأنه حق على الولي فإذا منعه منه جاز أن يستوفيه بنفسه كالدين إذا منع صاحبه منه جاز أن يستوفيه بنفسه فعلى هذا يكون النكاح كالمأذون فيه ويدفع مهر المثل والنفقة من ماله .
أحدهما : أن يكون مستدام الجنون لا يفيق في شيء من زمانه ، فهذا ينظر في حاله ، وإن لم يكن به إلى النكاح حاجة لم يكن لوليه أن يزوجه ولا أن يوجب في ماله غرم النفقة والمهر من غير حاجة ، وإن كان به إلى النكاح حاجة ، وذلك في أحد الحالين :
إما أن يرى يتوثب على النساء لفرط شهوة ، وإما أن يحتاج إلى خدمة النساء ، والزوجة أرفق به فيجوز لوليه أن يزوجه بنفسه ولا يجوز للولي أن يرد العقد إليه ليتزوج بنفسه بخلاف السفيه ، لأن السفيه مكلف يتعلق بقوله حكم ، والمجنون غير مكلف لا يتعلق بكلامه حكم .
والضرب الثاني : أن يكون المجنون ممن يجن في زمان ويفيق في زمان فهذا على أضرب :
أحدها : أن يكون زمان جنونه أكثر من زمان إفاقته فيجوز لوليه إذا رآه محتاجاً إلى النكاح أن يزوجه في زمان جنونه ، ولا يرد العقد إليه كالذي طبق به الجنون ، ويجوز له أن يزوجه في زمان إفاقته وأن يرد العقد إليه كالسفيه ، لأن الحجر عليه قبل زمان إفاقته لا يرتفع