الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص70
ميتين فإن كان ابن ابنه بالغاً فليس له إجباره على النكاح فإن كانت بنت ابنه ثيباً فليس له إجبارها على النكاح ، وإن كان ابن ابنه صغيراً أو بنت ابنه بكراً فله إجبار كل واحد منهما على الانفراد فإن أراد تزويج أحدهما بالآخر ، ففي جوازه جبراً وجهان :
أحدهما : لا يجوز تزويج أحدهما حتى يبلغ الابن فيكون هو القابل لنفسه ؛ لأن النبي ( ص ) قال : ‘ كل نكاح لم يحضره أربع فهو سفاح ‘ ولأن لا يتولى العقد من طرفيه كما لا يجوز لابن العم أن يزوج موليته ، لأن لا يصير متولياً للعقد من طرفيه وهذا قول أبي العباس بن القاص وطائفة .
والوجه الثاني : يجوز للجد أن يفعل ذلك ويتولى العقد من طرفيه كما يجوز له فيما ينفق من مال على ابن ابنه إذا كان والياً عليه أن يتولى العقد من طرفيه وخالف ابن العم في تزويجه ابنة عمه إذا كان والياً عليها من وجهين :
أحدهما : أن ولاية الجد توجب الإجبار لقوتها وولاية ابن العم تمنع من الإجبار لضعفها .
والثاني : أن الجد في الطرفين عاقد لغيره وابن العم أحد الطرفين عاقد لنفسه ، وهذا قول أبي بكر بن الحداد المصري وطائفة ، فعلى هذا لا بد للجد من أن يتلفظ في عقد نكاحها بالإيجاب فيقول : قد زوجت ابن ابني ببنت ابني وهل يحتاج فيه القبول أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا بد من أن بتلفظ فيه القبول فيقول : وقبلت نكاحها له ، وهذا قول أبي بكر ابن الحداد ، ولأنه يتولى ذلك بولايتين فقام فيه مقام وليين فلم يكن بد فيه من لفظتين :
أحدهما : إيجاب ، والآخر قبول .
والوجه الثاني : لا يحتاج أن يتلفظ فيه بالقبول ، وهذا قول أبي بكر القفال ؛ لأن الجد يقوم مقام وليين فقام لفظه مقام لفظين .
قال الماوردي : المولى عليه بالسفه ممنوع من التزويج إلا بإذن وليه ، لأن الحجر يمنع من التصرف في العقود ، فإن لم يكن به إلى النكاح حاجة لم يجز له أن يتزوج ولا لوليه أن يزوجه لما فيه من التزام المهر والنفقة لغير حاجة ، وإن كان به إلى النكاح حاجة ، أما بأن يرى يتوثب على النساء لفرط الشهوة وأما بأن يحتاج إلى خادم وخدمة النساء له أرفق به فيجوز لوليه أن يزوجه ؛ لأنه مندوب إلى القيام بمصالحه التي هذا منها وليصده بذلك عن مواقعة الزنا الموجب للحد والمأثم ، وإذا كان كذلك فوليه بالخيار بين أن يزوجه بنفسه وبين أن يأذن له في التزويج فإن زوجه الولي جاز أن يعقد له النكاح على من يختارها له من الأكفاء