پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص69

فصل

فإذا تقرر ما وصفنا وأراد الولي نكاح المرأة فذكرت أنها بكر قبل قولها ما لم يعلم خلافة وأجري عليها حكم البكر ، فإن قالت : أنا ثيب قبل قولها ، وأن لم يعلم لها زوج تقدم ولم يسأل عن الوطء الذي صارت به ثيباً وأجرى عليها حكم الثيب ، فلو زوجها الأب بغير إذن لاعتقاده أنها بكر فادعت بعد عقده أنها ثيب لم يقبل قولها في إبطال النكاح بعد وقوعه على ظاهر الصحة ؛ لأن الأصل فيها البكارة ، فإن أقامت أربع نسوة شهدن لها أنهن شاهدنها قبل النكاح ثيباً لم يبطل العقد إمضاء لجواز أن تكون عذرتهازالت بظفرة ، أو اصبع ، أو حلقة .

مسألة

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ ولا يزوج البكر بغير إذنها ولا يزوج الصغيرة إلا أبوها أو جدها بعد موت أبيها ‘ .

قال الماوردي : اعلم أن نكاح البكر معتبر بأوليائها ونكاح الثيب معتبر بنفسها ؛ لأن الثيب لا تزوج مع الأولياء إلا بإذنها والبكر يجبرها عليه بعض أوليائها ، وإن كانت كذلك لم يخل ولي البكر من أن يكون أباً أو عصبة فإن كان وليها أباً وزوجها جبراً سواء كانت صغيرة أو كبيرة أو عاقلة أو مجنونة ، وهكذا الجد بعد موت الأب يقوم في إجبارها مقام الأب لكن اختلف أصحابنا هل قام مقام الأب لأنه مشارك له في اسم الأب ، أو لأنه في معنى الأب على وجهين :

أحدهما : لأنه مشارك له في الاسم ؛ لأنهما يسميان أبا قال الله تعالى : ( مِلَةَ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ ) ( الحج : 78 ) .

والوجه الثاني : لأنه في معنى الأب وإن لم يشاركه في الاسم لما فيه من صفتي الأب التي تميز بها عن سائر الأولياء ، وهما الولادة ، والتعصب ، فبالولادة تميز عن الإخوة ، وبالتعصب تميز عن الجد للأم ، وإن كان ولي البكر عصبة روعي حالها حينئذٍ ، فإن كانت صغيرة لم يكن لأحد من عصابتها تزويجها سواء كانت عاقلة أو مجنونة وإن كانت كبيرة زوجها أقرب عصبتها إن كانت عاقلة باختيارها وعن إذنها وإن كانت مجنونة لم يزوجوها ؛ لأن تزويجها في الجنون معتبر بالنظر في مصالحها ولا نظر للعصبات في مصالحها ، ولذلك لم يكن لهم ولاية في حالها وإن كان ولي البكر الحاكم ، فإن كانت صغيرة لم يكن له تزويجها عاقلة كانت أو مجنونة ؛ لأنها ليست من أهل المناكح فتزوج ولا من أهل الاختيار فتستأذن ، وإن كانت كبيرة نظر فإن كانت عاقلة لم يكن للحاكم تزويجها إلا بإذنها ، وإن كانت مجنونة زوجها إذا رأى ذلك صلاحاً لها ، وإن لم يكن للعصبة تزويجها في حال جنونها .

والفرق بينها : أن للحاكم نظر في مصالحها شارك به الأب وفارق به العصبة ولذلك ولي على مالها ، وإن لم يلي عليه العصبة .

فصل

وإذا كان لرجل ابن ابن وله بنت ابن آخر فأراد أن يزوج ابن ابنه بنت ابنه فإن كان أبواهما باقيين لم يكن له تزويجهما لأنه لا ولاية للجد مع بقاء الأب وإن كان أبواها