الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص64
فإن قيل : فإذا كان عدواً لهما وضعها في غير كفءٍ .
قيل : رشده وما يخافه من لحوق العار به يمنع من هذا التوهم .
فإن قيل : إن حجره جاري مجرى المرض كان على ولايته .
وإن قيل : إنه يجري مجرى حجر السفه ، ففي ولايته وجهان :
أحدهما : لا ولاية له كالسفيه .
والثاني : وهو الأصح أنه على ولايته ، لأن حجره وإن جرى مجرى حجر السفه في ماله لم يجز مجراة في عدالته والله أعلم .
قال الماوردي : والعدالة المعتبرة في شهود النكاح عند عقده هي عدالة الظاهر بخلاف الشهادة في إثبات الحقوق عند الحاكم التي يراعي فيها عدالة الظاهر والباطن .
والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن في إثبات الحقوق عند الحاكم خصماً جاحداً فاستكشف لأجله عن عدالة الباطن ، وليس في عقد النكاح هذا المعنى فلم تعتبر إلا عدالة الظاهر .
والثاني : أن الحاكم يقدر من استبرأ العدالة في الباطن ما لا يقدر عليه الزوجان فسقط اعتبار ذلك عنهما وإن لم يسقط عن الحاكم ، وإذا كان ذلك فعدالة الظاهر اجتناب الكبائر ، والإقلال من الصغائر فإن عقد الزوجان نكاحاً بشاهدين لم يخل حالهما من أربعة أقسام :
أحدها : أن يكونا عدلين في الظاهر والباطن فعقد النكاح بهما صحيح لعدالة ظاهرهما وإثباته عند الحكام جائز لعدالة باطنهما .
والقسم الثاني : أن يكونا عدلين في الظاهر دون الباطن فعقد النكاح بهما صحيح لعدالة ظاهرهما لكن إثباته عند الحكام لا يصح إلا باستبراء عدالة باطنهما فيكشف عن عدالة الباطن وقت الأداء لا وقت العقد ، فإن صحت للحاكم حكم بشهادتهما في الأداء ، وإن لم تصح لم يحكم بشهادتهما في الأداء ، والنكاح على حاله من الصحة ما لم يظهر منهما تقدم الفسق .
والقسم الثالث : أن يكونا فاسقين فالعقد باطل ، فلو ظهرت عدالتهما بعد العقد مع تقدم الفسق وقت العقد كان العقد على فساده .
والقسم الرابع : أن يكونا مجهولي الحال لا يعرف فيهما عدالة ولا فسق فهما على ظاهر العدالة والنكاح بهما جائز ، لأن الأصل العدالة والفسق طارئ ، وهو معنى قول الشافعي : والشهود على العدل حتى يعلم الحرج يوم وقع النكاح وإذا صح العقد بهما مع الجهالة بحالهما لم يحكم الحاكم بهما من إثبات العقد عنده إلا بعد استبراء حالهما في الظاهر والباطن فإذا استبرأهما لم يخل حالهما بعد الاستبراء من ثلاثة أقسام :