پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص61

في الأداء قد تقبل على من ليس له عدوين خالفاً الفاسقين إذ لا تقبل شهادتهما لأحد الزوجين بحال ، وإن كانا عدوين للزوجين معاً ففي انعقاد النكاح بهما وجهان لأصحابنا :

أحدهما : لا تنعقد كالفاسقين ، لأن الأداء لا يصح منهما على أحد الزوجين بحال .

والوجه الثاني : هو ظاهر ما نص عليه الشافعي في كتاب الأم أن النكاح بهما منعقد وإن لم يصح منهما أداؤه بخلاف الفاسقين .

والفرق بينهما : أن الفاسقين لا يصح منهما أداء هذه الشهادة صح منهما أداء غيرها من الشهادات ، وهذا لو كان الشاهدان ابني الزوجين كانا كالعدوين ، لأن شهادة الولد لوالده مردودة ، كما أن شهادة العدو على عدوه مردودة ، فإن كانا ابني أحد الزوجين انعقد النكاح بهما لإمكان أداء الشهادة لأحدهما وإن كان أحدهما ابن الزوج والآخر ابن الزوجة ففي انعقاد النكاح بهما الوجهان الماضيان ، ومن أصحابنا مع منع من انعقاد النكاح بكل حال ، وفرق بينهما وبين العدوين بأن فيما بغضية لا تزول ، وليست كالعداوة التي قد تزول والله أعلم بالصواب .

مسألة

( واحتج الشافعي ) بابن عباس أنه قال ‘ لا نكاح إلا بولي مرشدٍ وشاهدي عدلٍ ‘ وأن عمر رد نكاحاً لم يشهد عليه إلا رجل وامرأةٌ فقال ‘ هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو تقدمت فيه لرجمت ‘ وقال عمر رضي الله عنه ‘ لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان ‘ ( قال الشافعي ) والنساء محرمات الفروج فلا يحللن إلا بما بين رسول الله ( ص ) فبين ‘ وليا وشهوداً وإقرار المنكوحة الثيب وصمت البكر ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال رشد الولي في النكاح شرط في صحة عقده ، فإن كان الولي فاسقاً بطل عقده على الظاهر من مذهب الشافعي ، والمشهور من قوله سواء كان الولي ممن يجبر على النكاح كالأب أو ممن لا يجبر كالعصبات .

وقال أبو إسحاق المروزي : إن كان الولي ممن يجبر كالأب بطل عقده بالفسق وإن كان ممن لا يجبر كالعصبات لم يبطل عقده بالفسق لأنه يكون مأموراً كالوكيل .

وقال أبو حنيفة : فسق الوالي لا يبطل عقده وبه قال بعض أصحاب الشافعي وحكاه قولاً عنه استدلالاً بعموم قوله تعالى : ( وَأَنْكِحُواْ الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ) ( النور : 32 ) ولأن من تعين في عقد النكاح لم يعتبر فيه العدالة كالزوج ، ولأن كل من جاز أن يقبل النكاح لنفسه جاز أن يلي على النكاح غيره كالعدل ؛ ولأنه لما جاز للفاسق تزويج أمته جاز له تزويج وليته ولأنه لما جاز أن يكون الكافر ولياً في نكاح ابنته فأولى أن يكون الفاسق ولياً في نكاح ابنته .