الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص59
أحدهما : يعني لو تقدمت فيه فخولفت .
والثاني : يعني لو تقدمت بالواجب وتعديت إلى ما ليس بجائز لرجمت .
وأما استدلال مالك بقوله عليه السلام : ‘ وأعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدف ‘ ففيه جوابان :
أحدهما : أن إعلانه يكون بالشهادة وكيف يكون مكتوماً ما شهده الشهود أم كيف يكون معلناً ما خلا من بينة وشهود .
والجواب الثاني : أن يحمل إعلانه على الاستحباب كما حصل ضرب الدف على الاستحباب دون الإيجاب لمن كان في ذلك العصر ، وإن كان في عصرنا غير محمول على الاستحباب ولا على الإيجاب وأما نهيه عن نكاح السر فهو النكاح الذي لم يشهده الشهود ، ألا ترى أن عمر رد نكاحاً حضره رجل وامرأة ، وقال : هذا نكاح السر ولا أجيزه . وقال الشاعر :
وقال أبو حنيفة : ينعقد بشاهد وامرأتين استدلالاً بقوله تعالى : ( وَإنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأتَانِ ) ( البقرة : 282 ) فكان على عمومه ؛ ولأنه عقد معاوضة فصح بشاهد وامرأتين كسائر العقود .
ودليلنا قوله تعالى : ( وَأَشْهِدُوا ذَوِي عَدْلٍ مِنْكُمْ ) ( الطلاق : 2 ) فلما أمر بالرجعة بشاهدين وهي أخف حالاً من عقد النكاح كان ذلك في النكاح أولى .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا نكاح إلا بولي وشاهدين ‘ .
فإن قيل فإذا جمع بين المذكر والمؤنث غلب في اللغة اللفظ المذكر على المؤنث فلم يمنع جمع الشاهدين من أن يكون شاهداً وامرأتين .
قيل : وهذا وإن صح في الجمع ؛ لأن المذكر والمؤنث بلفظ التثنية يمنع من حمله على الجمع ، لأن من أهل اللغة من يحمل الجمع على التثنية ، وليس فيهم ولا في الفقهاء من يحمل التثنية على الجمع فإن حمله على شاهد وامرأة خالف مذهبه ، وقول الأمة ، وإن حمله على شاهد وامرأتين خالف لفظ التثنية إلى الجمع ، ولو أن رجلاً قال : رأيت رجلين وقد رأى رجلاً وامرأتين لم يصدق في خبره فبطل ما تأولوه .
من القياس : أن الفروج لا يسوغ فيها البذل والإباحة فلم يستبح بشهادة النساء