الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص56
تزوجتك الآن إذا أهل شهر رمضان كان العقد فاسداً فأولى إذا تزوجها على مدة إجازتها أن يكون فاسداً إلا أن إذا بطل في أقوى الحالين كان بطلانه في أضعفهما أولى .
فأما الخبر الذي استدلوا به فضعيف ، والمشهور من الرواية أنه رد نكاحها ولم يخيرها ، ولو سلمنا أنه خيرها لكان محمولاً على وقت الفسخ لا وقت الإمضاء ؛ لأن أباها قد كان زوجها بغير كفء .
وأما استدلالهم بوقف الوصية ، والتصدق باللقطة ، فالوصية يجوز وقفها لجوازها بالمجهول والمعدوم وليس كالنكاح والبيع الباطلين على المجهول والمعدوم ، وأما التصدق باللقطة فلا يجوز وقفه بل إن لم يتملك اللقطة كانت في يده أمانة لا يجوز أن يتصدق بها ، وإن تملكها فتصدق بها كانت عن نفسه وإذا لم يعلم الأجل بطل القياس .
وأما استدلالهم بجواز وقف النكاح على الفسخ فكذلك على الإجازة باطل ؛ لأن الموقوف على الفسخ قد تعلقت عليه أحكام النكاح فصح الموقوف على الإجازة وقد انتفت عنه أحكام النكاح فبطل .
وأما استدلالهم بوقفه بعد البذل وقبل القبول فغير صحيح لأنا نمنع من وقف العقد ، وهو قبل تمامه بالبذل والقبول ليس بعقد ، فلم يجز أن يستدل بوقف ما ليس يلزم على وقف عقد يلزم والله أعلم .
قال الماوردي : أما الثيب فاستئذانها واجب ، لأنها أحق بنفسها من وليها وإذنها يكون بالقول الصريح وأما البكر فيلزم غير الأب والجد أن يستأذنها سواء كانت صغيرة أو كبيرة ؛ لأنه يجوز له إجبارها .
وقال أبو حنيفة ، وداود : يلزمه استئذانها استدلالاً بقوله ( ص ) : ‘ والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها ‘ .
والدليل على أن استئذان الأب لها لا يجب وإنما يستحب ما قدمناه من جواز إجبارها على النكاح صغيرة وكبيرة ؛ وما رواه صالح بن كيسان عن نافع عن ابن جبير عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال ‘ ليس للولي مع الثيب أمر ‘ ، واليتيمة وصمتها إقرارها فلما خص اليتيمة بالاستئمار وهي التي لا أب لها دل على أن ذات الأب لا يلزم استئمارها .
فأما قوله : ‘ والبكر تستأمر في نفسها ‘ فيحمل مع غير الأب على الإيجاب ومع الأب على الاستحباب كما أمر الله تعالى نبيه ( ص ) بمشاورة أمته فقال تعالى : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ ) ( آل عمران : 159 ) لا على أن لأحد رد ما رأى رسول الله ( ص ) .