الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص53
ومن القياس : أن كل من جاز له قبض صداقها بعد رضاعها جاز له عقد نكاحها بغير رضاها كالأمة وكالبكر الصغيرة ؛ ولأن ما استحق بالولاية في نكاح الصغيرة استحق بالولاية في نكاح الكبيرة قياساً على طلب الكفاءة ، ولما ذكره الشافعي من أنه : لو لم يكن له تزويجها جبراً في الكبر لما كان له تفويت بضعها في الصغر كالطفل يقتل أبوه لما لم يكن لولي تفويت خياره عليه في القود والدية بعد البلوغ لم يكن له تفويته عليه قبل البلوغ ، وكان القاتل محبوساً حتى يبلغ فيختار أحد الأمرين .
فإن قيل : فهذا يبطل بالصبي فإن للأب أن يجبره على النكاح قبل البلوغ وليس له إجباره بعد البلوغ .
قلنا : ليس في تزويج الابن تفويت لما يقدر على استدراكه ؛ لأنه يقدر على الطلاق إن شاء ، وله أن يتزوج غيرها من النساء ، والثيب لا تقدر على خلاص نفسها من عقد الأب إن لم يشاء . وأما خبر عائشة فهو محمول على الثيب دون البكر تخصيصاً بما ذكرناه .
وأما قياسهم على الثيب فالمعنى فيها ؛ أنه لما لم يجز للأب قبض صداقها إلا بإذنها لم يجز له عقد نكاحها إلا بإذنها ، ولما جاز للأب قبض صداق البكر بغير رضاها عند أبي حنيفة وهو أحد قولي الشافعي جاز له أن يعقد نكاحا بغير رضاها ، لأن التصرف في المبدل معتبر بالتصرف في البدل .
وأما قياسهم على الرجل فالمعنى فيه أنه لما لم يكن للأب أن يعترض عليه في نكاحه لم يكن له أن يجبره عليه وليس كذلك البكر .
وقال مالك : للجد إجبار الصغيرة كالأب وليس له إجبار الكبيرة بخلاف الأب وفرقا بين الأب والجد ، بأن الجد يملك الولاية بوسيط كالأخوة ، وهذا خطأ لقوله تعالى : ( مِلَة أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ) ( الحج : 78 ) فسماه أبا إجراءً لحكم الأب عليه ، وإن خالفه في الاسم ، ولأنه لما ثبت ولاية الجد على الأب فأولى أن يثبت على من يلي عليه الأب ، ولأنه لما ساوى الجد الأب في الولاية على مالها ساواه في الولاية على نكاحها وبهذا فرق بينه وبين سائر العصبات .
والفرق بين الآباء ، والعصبات ؛ أن في الآباء بعضية ليست في العصبات فقويت بها