فالأمر هو الإجبار والإلزام وليس للولي إجبار الثيب وإلزامها ولا يقتضي ذلك أن ينفرد بالعقد دون وليها كما لا تنفرد به دون الشهود .
فأما حديث المرأة التي زوجها أبوها ، فرواية عكرمة بن فلان ، فإن كان مولى ابن عباس فهو مرسل الحديث ، لأنه تابعي ولم يسنده والمرسل ليس بحجة وإن كان غيره فهو مجهول وجهالة الراوي تمنع من قبول حديثه ثم لا حجة فيه لو صح ، لأنه رد [ نكاحاً انفرد به الولي ، وإنما يكون حجة لو أجاز نكاحاً ] تفردت به المرأة .
وأما قياسهم على الرجل فالمعنى في الرجل ، أنه لما لم يكن للولي عليه اعتراض في الكفاءة لم يكن له في العقد عليه ولاية ، ولما كان للولي على المرأة اعتراض في الكفاءة لم تكن له في العقد عليها ولاية ، وكذا الجواب عن قياسه على عقد الإجارة أنه ليس للولي اعتراض فيه فلم يكن له ولاية عليه ، وليس كذلك عقد نكاحها .
وأما قياسه على المهر فعندهم أن للولي أن يعترض عليها فيه ويمنعها بأن تتزوج بأقل من مهرها ثم هو منتقض بقطع الأطراف في إبدالها من الدية ، ولا يتصرف فيها بالقطع والإباحة .
فصل
وأما مالك ففرق بين الشريفة والدنية بأن الولي يراد لحفظ المرأة أن تضع نفسها في غير كفء والدنية مكافئة لكل الأدنياء فلم يبق لوليها نظر واحتياط في طلب الأكفاء فجاز عقدها بغير ولي ولم يجز عقد الشريفة إلا بولي ، وهذا القول غير صحيح ، لأنه ليس من دنية إلا وقد يجوز أن يكون في الرجال من هو أدنى منها فاحتيج إلى احتياط الولي فيها ، ثم لو غلب عليه فرقة فقبل الشريفة يمنعها كرم أصلها من وضع نفسها في غير كفء فلم يحتج إلى احتياط الولي ، والدنية يمنعها لؤم أصلها على وضع نفسها في غير كفء لكان مساوياً لقوله ، فوجب إسقاط الفرق بينهما ، ثم يقال له لما لم يكن هذا الفرق مانعاً من استوائهما في الشهادة فهلا كان غير مانع من استوائهما في الولي مع كون النصوص في الولي عامة لا تخص بمثل هذا الفرق .
فصل
وأما داود فخص الثيب بالولاية دون البكر لقوله ( ص ) : ‘ ليس للولي مع الثيب أمر ‘ ليطابق بين الإخبار في الاستعمال ، وقد قدمنا وجه استعمالهما وأن الفرق بينهما واقع في الإخبار فكان جواباً ، ثم فرق داود بين البكر والثيب بأن الثيب قد خبرت الرجال فاكتفت بخبرتها عن اختيار وليها والبكر لم تخبر فافتقرت إلى اختيار وليها وهذا فرق فاسد وعكسه عليه أولى ، لأن خبرة الثيب بالرجال تبعثها على فرط الشهوة في وضع نفسها ، فمن قويت فيه شهوتها والبكر لعدم الخبرة أقل شهوة فكانت لنفسها أحفظ على أن الشهوة مذكورة في طباع النساء قال النبي ( ص ) : ‘ خلقت المرأة من الرجل فهما في الرجل ‘ فغلب حكم الشهوة في