الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص42
يتعارضان ، ويدل عليه ما رواه ابن سيرين عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا تنكح المرأة المرأةَ ولا تنكح المرأة نفسها ‘ والتي تنكح نفسها هي الزانية
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح : الزوج ، والولي ، وشاهدان ، ولأنه إجماع الصحابة لأنه قول من ذكرنا من الرواة الثمانية ، وهو مروي عن عمر ، وعلي – رضي الله عنهما – أما علي فروي عن الشعبي أنه قال : لم يكن في الصحابة أشد في النكاح بغير ولي من علي بن أبي طالب وأما عمر فروي عنه أنه قال : لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان وفيه تأويلان :
أحدهما : إلا بإذن وليها إن كان واحداً ، أو ذي الرأي من أهلها إن كانوا جماعة ، أو السلطان إن لم يكن لها ولي .
الثاني : بإذن وليها إن لم كان لها ولي ، فإن كان لم يكن لها ولي زوجها السلطان بمشورة ذي الرأي من أهلها وذوي أرحامها ، فهذا قول من ذكرنا من الصحابة ، وليس في التابعين مخالف فثبت أنه إجماع .
ويدل على ذلك من القياس هو أن كل من كان من زوائد عقد النكاح كان شرطاً فيه كالشهود ، ولأن ما اختص من بين جنسه بزيادة عدد كانت الزيادة شرطاً فيه كالشهادة في الزنا ، ولأن كل عقد صارت به المرأة فراشاً لم يملكه المفترشة كالأمة ، ولأن من عقد على نفسه واعترض عليه غيره في فسخه دل على فساد عقده كالأمة والعبد إذا زوجا أنفسهما ، ولأن من منع من الوفاء معقود العقد خرج من العقد كالمحجور عليه ، ولأنه أحد طرفي الاستباحة فلم تملكه المرأة كالطلاق ، ولأن لولي المرأة قبل بلوغها حقين : حقاً في طلب الكفاءة ، وحقاً في طلب العقد ، فلما كان بلوغها غير مسقط لحقه في طلب الكفاءة كان غير مسقط لحقه في مباشرة العقد .
ويتحرر من اعتلاله قياسان :
أحدها : أنه أحد حقي الولي فلم يسقط بلوغها كطلب الكفاءة .
والثاني : أن كل من ثبت عليها حق الولي في طلب الكفاءة ثبت عليه حقه في مباشرة العقد كالصغيرة فأما الجواب عن استدلالهم بالآية فمن وجهين :
أحدهما : أن المراد برفع الجناح عنهن أن لا يمنعن من النكاح فإذا أردنه ، فلا يدل على تفردهن بغير ولي كما لم يدل على تفردهن بغير شهود .
والثاني : أن قوله : ( فِيمَا فَعَلْنَ فِي أنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ( البقرة : 234 ) . يقتضي