الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص40
وروى ابن عباس : ‘ لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدلٍ ‘ فكان على عمومه في كل نكاح من صغيره وكبيره وشريفة ودنية وبكر وثيب .
فإن قالوا : نحن نقول بموجبه ، لأن المرأة ولية نفسها فإذا زوجت نفسها كان نكاحها بولي .
فعن ذلك جوابان أنه خطاب لا يفيد ، لعلمنا أنه لا نكاح إلا بمنكوحة ولا يتميز عن سائر العقود ، وقد خص النكاح به .
والثاني : أن قوله : ‘ لا نكاح إلا بولي ‘ يقتضي أن يكون الولي رجلاً ، ولو كانت هي المراد لقال : لا نكاح إلا بولية ، ويدل عليه ما رواه الشافعي عن مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي ( ص ) قال : أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، وإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا – أو قال : اختلفوا – فالسلطان ولي من لا ولي له .
وهذا نص في إبطال النكاح بغير ولي من غير تخصيص ولا تمييز ، واعترضوا على هذا الحديث بثلاثة أسئلة :
أحدها : أن قالوا : مدار هذا الحديث على رواية الزهري وقد روى ابن علية عن ابن جريج أنه قال لقيت الزهري فسألته عنه قال : لا أعرفه وعنه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه قد رواه عن الزهري أربعة : سليمان بن موسى ، ومحمد بن إسحاق ، وجعفر بن ربيعة ، والحجاج بن أرطأة ، ورواه عن عروة ثلاثة : الزهري وهشام بن عروة وأبو الغصن ثابت بن قيس فلم يصح إضافة إنكاره إلى الزهري مع العدد الذي رووه عنه ، ولو صح إنكاره له لما أثر فيه من رواية غير الزهري له عن عروة .
والثاني : ما قاله بعض أصحاب الحديث : أن الزهري أنكر سليمان بن موسى وقال لا أعرفه وإلا فالحديث أشهر من أن ينكره الزهري ولا يعرفه وليس جهل المحدث بالراوي عنه مانعاً من قبول روايته عنه ، ولا معرفته شرطاً في صحة حديثه .
والثالث : أنه لا اعتبار بإنكار المحدث للحديث بعد روايته عنه ، وليس استدامة ذكر