الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص37
قال الشافعي رحمه الله تعالى : فدل كتاب الله عز وجل وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام على أن حقا على الأولياء أن يزوجوا الحرائر البوالغ إذا أردن النكاح ودعون إلى رضا قال الله تعالى : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ) ( قال ) وهذه أبين آيةٍ في كتاب الله تعالى دلالةً على أن ليس للمرأة أن تتزوج بغير ولي ( قال ) وقال بعض أهل العلم نزلت في معقل بن يسار رضي الله عنه وذلك أنه زوج أخته رجلاً فطلقها فانقضت عدتها ثم طلب نكاحها وطلبته فقال زوجتك أختي دون غيرك ثم طلقتها لا أنكحكها أبداً فنزلت هذه الآية ‘
قال الماوردي : بدأ الشافعي في هذا الفصل بما على الأولياء من نكاح الأيامى إذا دعون إلى رضى ووجوبه على الأولياء معتبر بخمس شرائط ، وهو أن تكون حرة بالغة عاقلة تدعو إلى كفء عن تراض فيلزمه إنكاحها ولا يسوغ له منعها لقوله تعالى : ( فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ) ( البقرة : 232 ) وفي العضل قولان :
أحدهما : أنه المنع ومنه قولهم : داء عضال إذا امتنع من أن يداوى وفلان عضلة أي داهية لأنه امتنع بدهائه .
والثاني : أنه الضيق ، ومنه قولهم قد أعضل بالجيش الفضاء إذا ضاق بهم وقول عمر قد أعضل بي أهل العراق لا يرضون عن والٍ ولا يرضى عنهم والٍ ، وفي قوله : ( إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ) تأويلان :
أحدهما : إذا تراضا الزوجان بالمهر .
والثاني : إذا رضيت المرأة بالزواج المكافئ ، وفيمن نزلت هذه الآية قولان :
أحدها : – وهو الأشهر – أنها نزلت في معقل بن يسار زوج أخته رجلاً ثم طلقها وتراضيا بعد العدة أن يتزوجها فعضلها وحلف أن لا يزوجها فنهاه الله تعالى عن عضلها ، وأمره أن يزوجها ففعل ، وهذا قول الحسن ومجاهد ، وقتادة والشافعي .