پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص32

وروي عنه ( ص ) أنه قال : الصبر عن النساء خير من الصبر عليهن ، والصبر عليهن خير من الصبر على النار .

وروي عنه ( ص ) أنه قال : مسكين مسكين رجل لا امرأة له ومسكينة مسكينة امرأة لا رجل لها فأخرج ذلك مخرج الرحمة ، وتارك الواجب لا يحرم ؛ ولأنه لما لم يجب مقصود النكاح وهو الوطء كان النكاح بأن لا يجب أولى ؛ ولأنه ليس في النكاح أكثر من نيل شهوة ، وإدراك لذة وليس ذلك بواجب كسائر الشهوات ؛ ولأنه لو وجب عليه قطع شهوته بالنكاح لوجب قطعها عند العجز عنه بما قام مقامه من دواء وعلاج ، ولأن ما دعت إليه الشهوات خارج من جملة الواجبات ؛ لأن من صفات الواجبات تكلف المشاق فيها وتحمل الأثقال لها فأما الآية فقد جعلناها دليلاً .

وأما الخبر فهو أمر بالنكاح للمكاثرة بالأولاد ؛ لأنه قال ‘ تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم حتى بالسقط ‘ وليست المكاثرة واجبة ، وكذلك ما جعل طريقاً إليها .

أما قوله : أن فيه تحصين النفس ، فإنما يجب من تحصين النفس ما خيف منه التلف ، وليس في ترك النكاح خوف التلف .

وأما قوله لما لزمه إعفاف أبيه لزمه إعفاف نفسه فقد كان أبو علي بن خيران يقول : إن إعفاف أمته لا يجب عليه كما لا يجب عليه إعفاف ابنه ، وظاهر المذهب وجوبه ولا يجب عليه في نفسه كما يلزمه في حق أبيه القيام بكفايته من القوت والكسوة ولا يلزمه ذلك في حق نفسه ، فكذلك النكاح .

فأما قول عمر لأبي الزوائد : ما منعك من النكاح إلا عجز أو فجور ، فهو على طريق الترغيب دون الوجوب ، ولو كان واجباً لزمه وأما قول معاذ : زوجوني لا ألقى الله عزباً ، فقد قيل : إنه كان ذا أولادٍ ويجوز أن يكون اختار ذلك ندباً .

مسألة

قال الشافعي : ‘ ومن لم تتق نفسه إلى ذلك فأحب إلي أن يتخلى لعبادة الله تعالى ( قال ) وقد ذكر الله تعالى ( وَالقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء ) ( النور : 60 ) وذكر عبداً أكرمه فقال ‘ سيداً وحصوراً ‘ والحصور الذي لا يأتي النساء ولم يندبهن إلى النكاح فدل أن المندوب إليه من يحتاج إليه ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح وجملته أنه لا يخلو حال الإنسان من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكون تائق النفس إلى النكاح شديد الشهوة له تنازعه نفسه إليه وإن لم يحدثها به فهذا مندوب إلى النكاح ومأمور به ، ونكاحه أفضل من تركه ؛ لئلا تدعوه شدة الشهوة إلى مواقعة الفجور ، وفي مثله وردت أخبار الندب .

والقسم الثاني : أن يكون مصروف الشهوة عنه غير تائق إليه ، ومتى حدث نفسه به لم ترده ، فالأفضل لمثل هذا أن لا يتعرض له وتركه أفضل له من فعله ، لئلا يدعوه الدخول فيه