الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص31
قال الشافعي رحمه الله : وأحب للرجل والمرأة أن يتزوجها إذا تاقت أنفسهما إليه لأن الله تعالى أمر به ورضيه وندب إليه وبلغنا أن النبي ( ص ) قال : ‘ تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم حتى بالسقط ‘ وأنه قال : ‘ من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح ‘ ويقال إن الرجل ليرفع فدعاء ولده من بعده ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال النكاح مباح وليس بواجب .
وقال داود : النكاح واجب استدلالاً بقوله تعالى : ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ) ( النساء : 3 ) وهذا أمر وبقوله عليه السلام : ‘ تناكحوا تكثروا ‘ قال : ولأنه إجماع بقول صحابيين لم يظهر خلافهما :
أحدهما : قول عمر لأبي الزوائد لا يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور .
والثاني : قول معاذ في مرضه : زوجوي لا ألقى الله عزباً ؛ لأن في النكاح من تحصين النفس مثل ما في الغذاء ، فلما لزم تحصينها بالغذاء لزم تحصينها بالنكاح ، ولأنه لما لزمه إعفاف أبيه كان إعفاف نفسه أولى .
ودليلنا قوله تعالى : ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثَلاثَ وَرُبَاعَ فَإنْ خِفْتُمْ ألاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أيْمَانُكُمْ ) ( النساء : 3 ) ومنه دليلان :
أحدهما : أنه علق بطيب النفس ، ولو كان لازماً واجباً للزم بكل حال .
والثاني : قوله : ‘ فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ‘ فخيره بين النكاح وملك اليمين والتخيير بين أمرين يقتضي تساوي حكمهما ، فلما كان ملك اليمين ليس بواجب كان النكاح بمثابته وقال تعالى : ( ذَلِكَ مَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَكُمْ ) فأباح نكاح الأمة لمن خشي الزنا وجعل الصبر خير له ، ولو كان واجباً ، لكان الصبر شراً له .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ خياركم بعد المأتين كل خفيف حاذ قيل : ومن الخفيف الحاذ ، قال : الذي لا أهل له ولا ولد ‘ .