الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص22
وقال سعيد بن جبير فجعل عذابهن ضعفين وعلى من قذفهن الحد ضعفين ، ولم أر للشافعي نصًّا في أحد القولين غير أن الأشبه بظاهر كلامه إنما حدان في الدنيا ، فإن قيل : في أمر مضاعفة الحد عليهن من تفضيلهن .
قيل : لأنه لما كان حد العبد نصف حد الحر لنقصه عن كمال الحر ، وجب أن يكون مضاعفة الحد عليهن من تفضيلهن على غيرهن ثم قال تعالى : ( وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلهِ وَرَسُولِهِ ) ( الأحزاب : 31 ) أي يطيع الله ورسوله والقنوت الطاعة ثم قال : ( وَتَعْمَلُ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً ) ( الأحزاب : 31 ) فضوعف لهن الأجر مرتين كما ضوعف عليهن العذاب ضعفين فصار كلا الأمرين تفضيلاً لهن وزيادة في كرامتهن ، وفي ‘ أجرها مرتين ‘ قولان لأهل العلم :
أحدها : أن كلا الأجرين في الآخرة .
والثاني : أن أحدهما في الدنيا والثاني في الآخرة ، ويحتمل قوله ( وَاعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً ) تأويلين :
أحدهما : حلالاً فقد كان رزقهن من أجل الأرزاق .
والثاني : واسعاً ؛ فقد صار رزقهن بعد وفاته وفي أيام عمر من أوسع الأرزاق .
فأما الثلاث التغليظ :
فإحداهن : ما أوجبه عليه من تخيير نسائه .
والثانية : ما حظر عليه من طلاقهن .
والثالثة : ما منعه من الاستبدال بهن .
وأما الثلاث التخفيف :
فإحداهن : ما أباحه له من النكاح من غير تقدير محصور .
والثانية : أن يملك النكاح بلفظ الهبة من غير بدل .
والثالثة : أنه إذا أعتق أمة على أن يتزوجها كان عتقها نكاحاً عليها وصداقاً لها ؛ لأنه أعتق صفية بنت حيي على هذا الشرط ، فصارت بالعتق زوجة وصار العتق لها صداقاً .
فأما الأربع الكرامة :