الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص15
وبنات خالاته اللاتي هاجرن معه ، وهذا قول أبي بن كعب لرواية أبي صالح عن أم هانئ ، قالت : نزلت هذه الآية فأراد النبي ( ص ) أن يتزوجني فنهي عني ؛ لأني لم أهاجر .
والوجه الثاني : وهو أظهرهما أن الإباحة عامة في جميع النساء ؛ لأنه تزوج بعدها صفية ، وليست من المسميات فيها ، ولأن الإباحة رفعت ما تقدمها من الحظر ولأنه في استباحة النساء أوسع حكماً من جميع أمته ، فلم يجز أن يقصر عنهم .
قال الماوردي : وهذا مما خص به رسول الله ( ص ) في النكاح تخفيفاً أن ينكح بلفظ الهبة لأن الشافعي بدأ بذكر ما خص به في النكاح تغليظاً ، وذلك في ثلاثة أشياء .
وجوب التخيير وتحريم الطلاق .
وتحريم الاستبدال بهن .
ثم عقبه بذكر ما خص به تخفيفاً فمن ذلك أن إباحة الله تعالى أن يملكه نكاح الحرة بلفظ الهبة من غير بدل يذكر مع العقد ، ولا يجب من بعد فيكون مخصوصاً به من بين أمته من وجهين :
أحدهما : أن يملك نكاح الحرة بلفظ الهبة ولا يجوز ذلك لغيره من أمته .
والثاني : أن يسقط منه المهر ابتداء مع العقد وانتهاء فيما بعده وغيره من أمته يلزمه المهر فيما بعد .
وقال أبو حنيفة : إنما اختص بسقوط المهر وحده ، وهو وأمته سواء في جواز العقد بلفظ الهبة .
وقال سعيد بن المسيب : إنما خص بسقوط المهر ، وليس له ولا لغيره من أمته أن يعقد بلفظ الهبة وبه قال من الصحابة أنس بن مالك ، وذهب إليه بعض أصحاب الشافعي ، والدليل على تخصيصه بالأمرين ، وإن كان للكلام مع أبو حنيفة موضع يأتي ، وقوله تعالى : ( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خَالِصةً لك مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ ) ( الأحزاب : 50 ) والهبة تتميز بلفظها عقداً وسقوط المهر فيها بدلاً ، وقد جعلها خالصة له من دون المؤمنين فلم يجز لأحد من أمته أن يشاركه في واحد من الحكمين .
وفي الآية قراءتان :
أحدهما : ‘ إن وهبت ‘ بالفتح وهو خبر عما مضى ، والقراءة الأخرى بالكسر ، وهو شروط في المستقبل ، فاختلف العلماء هل كان عند النبي ( ص ) امرأة وهبت له نفسها بحسب اختلافهم في هاتين القراءتين ، فمن قرأ بالكسر وجعله شرطاً في المستقبل قال : لم يكن