پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج9-ص8

باب ما جاء في أمر النبي ( ص ) وأزواجه
مسألة

قال الشافعي رحمه الله : ‘ إن الله تبارك وتعالى لما خص به رسول الله ( ص ) من وحيه وأبان بينه وبين خلقه بما فرض عليهم من طاعته افترض عليه أشياء خففها عن خلقه ليزيده بها إن شاء الله قربةً وأباح له أشياء حظرها على خلقه زيادةً في كرامته وتبييناً لفضيلته ‘ .

قال الماوردي : وهذا فصل نقله المزني مع بقية الباب من ‘ أحكام القرآن ‘ للشافعي فأنكر بعض المعترضين عليه إيراد ذلك في مختصره لسقوط التكليف عنا فيما خص به الرسول من تخفيف ولوفاة زوجاته المخصوصات بالأحكام فلم يكن فيه إلا التشاغل بما لا يلزم عما يجب ويلزم ، فصوب أصحابنا ما أورده المزني وردوا على هذا المعترض بما ذكروه من فرض المزني من وجهين :

أحدهما : أنه قدم مناكح النبي ( ص ) تبركاً بها والتبرك في المناكح مقصود كالتبرك فيها بالخطب .

والثاني : أن سبق العلم بأن الأمة لا تساوي ( ص ) في مناكحته وإن ساوته في غيرها من الأحكام حتى لا يقدم أحد على ما حظر عليه ، ابتدأ به .

فصل

فأما قول الشافعي إن الله تعالى لما خص به رسول الله ( ص ) من وحيه ففيه روايتان :

إحداهما : لما خص بكسر اللام وتخفيف الميم والأخرى لما خص : بفتح اللام وتشديد الميم ، فمن روى بكسر اللام وتخفيف الميم حملها على معنى الشرط ، وجعل ‘ ما ‘ بمعنى الذي ، واللام قبلها للإضافة ، فيكون تقديره أن الله تعالى لأجل الذي خص به رسول الله ( ص ) من وحيه ومن روى بفتح اللام وتشديد الميم حملها على معنى الخبر وجعل ‘ ما ‘ بمعنى بعد فيكون تقديره : أن الله تعالى خص به رسول الله ( ص ) من وحيه ، وكلا الروايتين جائزة والأولى أظهر وإن قيل : فكيف جعل الشافعي رسول الله ( ص ) مخصوصاً بالوحي وقد أوحى الله تعالى إلى غيره من الأنبياء ، قال الله تعالى : ( إِنَّا أوْحَيْنَا إليك كَمَا أوْحَيْنَا إلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) ( النساء : 163 ) فعن ذلك ثلاثة أجوبة :

أحدها : أنه خص بالوحي من بين أهل عصره حتى بعث رسولاً إلى جميعهم فكان مخصوصاً بالوحي من بينهم .