الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص539
وإذا ثبت هذا فقد كان يمتنع من صدقة الفرض تحريما ، وفي امتناعه من صدقة التطوع قولان :
أحدهما : أنه كان يمتنع منها تحريما كالفرض ، ولأن النبي ( ص ) أكل من لحم تصدق به على بريرة وقال : هو لها صدقة لنا و هدية ، وصدقات اللحوم بالمدينة كانت من ضحايا تطوع غير واجبة .
والقول الثاني : أنه كان يمتنع منها تنزيها لا تحريما ، لأنه قد كان يصلي في المساجد وهي صدقات ويشرب من بئر رومة بالمدينة وبئر زمزم بمكة وهما صدقتان .
وقال أبو علي بن أبي هريرة : ما كان من صدقات التطوع على الأعيان كانت محرمة عليه ، وما كان منها مسألة على الكافة لم تحرم عليه مثل صلاته في المساجد وشربه من الآبار .
والذي أراه عندي أصح ، أن ما كان منها أموالا مقومة كانت عليه محرمة وما لم تكن أموالا مقومة كانت له مباحة ، فعلى هذا كانت صلاته في المساجد وشربه من بئر رومة وزمزم ، ولو كانت الصدقة المسيلة ثمارا لا تحل له ، وعلى قول ابن أبي هريرة تحل له .
وسأله الفضل بن العباس عمالة الصدقات فغضب وقال : ‘ أليس في خمس الخمس ما يغنيكم عن أوساخ الناس ‘ .
فدل هذان الخبران على تحريم الفرض عليهم .
فأما التطوع فحلال لما روي أن جعفر بن محمد شرب من سقايات بين مكة والمدينة .
فقيل له : أليس قد حرم عليكم الصدقات ؟ فقال : إنما حرم الله علينا الصدقات المفروضات ؛ ولأن الله تعالى عوضهم مالا واحدا عن مال واحد ، فإذا ثبت أن آل رسول الله ( ص ) تحرم عليهم الصدقات المفروضات دون التطوع فهم ذو القربى من بني هاشم وبني المطلب .
وقال أبو حنيفة : إنما تحرم على آل العباس وآل حمزة وآل الحارث بني عبد المطلب وعلى آل علي وآل جعفر والفضل ولا تحرم على آل أبي لهب ولا على غير المذكورين من بني عبد المطلب ولا على جميع بني المطلب ، وهذا خطأ ؛ لأن من استحق سهم ذي القربى