پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص531

لأننا نراعي فيما يقسمه رب المال الجوار وفيما يقسمه العامل الناحية ، ثم لا يخلو حال مصره من أحد أمرين :

إما أن يكون صغيرا أو كبيرا فإن كان صغيرا كان جميع أهله جيرانه ، فإن كان أهل الصدقة فيه أجانب من رب المال أو جميعهم أقارب له فجميعهم سواء ، وله أن يدفع زكاة ماله إلى من شاء منهم بعد أن يعطي من كل صنف ثلاثة فصاعدا ، وإن كان بعضهم أقارب لرب المال وبعضهم أجانب منه كان أقاربه أولى بزكاته من الأجانب ، لقوله ( ص ) : ‘ خير الصدقة على ذي الرحم الكاشح ‘ يعني المعادي ، وقال ( ص ) : ‘ صدقتك على غير ذي رحمك صدقة وعلى ذي رحمك صدقة وصلة ‘ فإن عدل بها عن أقاربه إلى الأجانب فقد أساء وأجزأته ؛ لأن تقديم الأقارب من طريق الأولى مع اشتراك الأقارب والأجانب في الاستحقاق ، وإن كان البلد كبيرا واسعا ، فقد اختلف أصحابنا هل يراعى فيه الجوار الخاص والجوار العام ؟ على وجهين :

أحدهما : أن المراعى فيه الجوار الخاص ، فعلى هذا يكون جيرانه من أضيف إلى مكانه من البلد .

وقيل : إنهم إلى أربعين دار من داره ، ولا يكون جميع أهل البلد جيرانه ، وهذا قول .

والوجه الثاني : أنه يراعى فيه الجوار العام لقوله تعالى : ( والجار ذي القربى والجار الجنب ) [ النساء : آية 36 ] يعني البعيد ، فعلى هذا يكون جميع أهل البلد جيرانه ، وهذا هو الظاهر من قول البغداديين ، فعلى الوجه الأول : إن فرقها في غير جيرانه من أهل بلده كان ناقلا لزكاته عن محلها ، وعلى الوجه الثاني لا يكون ناقلا لها وهو أصح الوجهين .

فصل :

وإن كان رب المال بدويا ، فعلى ضربين :

أحدهما : إن يكون في حلة قاطنا بمكانها لا يظعن عنها شتاء ولا صيفا ، فهي كالبلد وجميعها جيران سواء صغرت أو كبرت ؛ لأنها لا تبلغ وإن كبرت مبلغ كبار الأمصار فيخص منهم أقاربه ، فإن عدل عنهم إلى الأجانب أجزأ ، ولا يكون من فارق الحلة جارا ، وإن كان على مسافة أقل من يوم وليلة ، لأن ذلك جار للحلة ، والواحد من الحلة جيرانه أهل الحلة ، فبان الفرق بينهما .

والضرب الثاني : أن يكون في حلة ينجع الكلأ ويظعن لطلب الماء والمرعى ، فهذا على ضربين :