الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص524
قال الماوردي : أما غزاة الصدقات فلهم سهم سبيل الله منها وما يعطونه منها معتبر بمؤنة غزوهم وإن كان الجهاد في بلدهم أعطوا النفقة والسلاح والحمولة التي تحملهم ورحالهم ، إما في ماء أو على ظهر ثم لا يخلو أن يكونوا فرسانا أو رجالة فإن كانوا فرسانا أعطوا نفقات خيلهم ومؤنتهم في ذهابهم وعودتهم ، وإن كانوا رجالة لا خيل لهم فإن كانوا لا يقاتلون إلا رجالة على الأرض لم يعطوا الخيل ، وإن كانوا يقاتلون فرسانا أعطوا الخيل إذا عدموها .
فإن قيل : فكيف يعطون من مال الزكاة الخيل والسلاح وليس فيها خيل ولا سلاح .
قلنا : لا يخلو دافع الزكاة إليهم من أحد أمرين .
إما أن يكون رب المال أو الوالي فإن كان دافعها رب المال أعطاهم أثمان الخيل والسلاح ليتولوا شراء ذلك لأنفسهم ولم يجز أن يشتريه رب المال لهم ؛ لأن إخراج القيم في الزكوات لا يجوز ، وإن كان الوالي عليها هو الدافع لها ففيه وجهان :
أحدهما : تدفع إليهم أثمانها ، ولا يجوز أن يتولى شراءها رب المال ، وهذا قول أبي إسحاق المروزي وابن أبي هريرة .
والوجه الثاني : يجوز أن يتولى شراء ذلك لهم ، والفرق بينه وبين رب المال أن للوالي عليهم ولاية ليست لرب المال ، فجاز أن يتولى شراءه لهم وإن لم يتوله رب المال .
قال الماوردي : والذي يعطاه ابن السبيل معتبر بكفايته في سفره بحسب قربه وبعده وذهابه وعوده فيعطى ما يكفيه من نفقة ومؤونة ، فإن كان جلدا يقدر على المشي في سفره لم يزد على مؤونته ، وإن كان لا يقدر على المشي أو كان مسافرا في بحر لا يجد من الركوب بدا أعطى مع النفقة كراء مركوبه ، فإن أراد العودة أعطى مع اتساع المال نفقة الذهاب والعودة ونفقة مقام المسافر وهو مدة ثلاثة أيام لا يزاد عليها وقد ذكرنا من ذلك ما أقنع .