الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص519
والقسم السادس : أن تكون سهام بعضهم وفق كفاياتهم وسهام بعضهم زائدة على قدر كفاياتهم فإذا قسم الكافي وحبس الفضل الزائد عن أهله نقلت تلك الزيادة إلى أقرب البلاد بهم لا يختلف ، ولكن إذا نقلها فهل يختص بها أهل تلك الأصناف أو تكون كالصدقة المبتدأة تقسم في جميع الأصناف على وجهين بناء على الوجهين الماضيين :
أحدها : أن يختص بها أهل تلك الأصناف إذا قيل في القسم الماضي بتغليب الأعيان وأن الفاضل ينقل إلى أقرب البلاد ولا يرد على باقي الأصناف .
والوجه الثاني : أن الفاضل يقسم في أقرب البلاد على جميع الأصناف ، إذا قيل في القسم الماضي بتغليب المكان ، وأن الفاضل يرد على باقي الأصناف والله أعلم .
قال الماوردي : اعلم أن الكلام في هذه المسألة يشتمل على فصلين :
أحدهما : فيمن يجوز أن يأخذ بالفقر من الزكاة .
والثاني : في القدر الذي يجوز أن يعطاه من الزكاة وكلا الأمرين معتبر بأدنى الغنى واختلف الناس في أدنى الغنى على ثلاثة مذاهب :
أحدها : ما ذهب إليه أحمد بن حنبل أن أدنى الغنى خمسون درهما ، فلا تحل الزكاة لمن تملكها ولا يجوز أن يعطى أكثر منها ، وقد حكي ذلك في الصحابة عن عمر وعلي وسعد رضوان الله عليهم ، وبه قال من الفقهاء الزهري والثوري .
والمذهب الثاني : ما ذهب إليه أبو حنيفة : أن أدنى الغنى نصاب تجب فيه الزكاة فلا يحل الزكاة لمن يملك نصابا ولا يعطى منها نصابا ، فإذا ملك مالا تجب فيه الزكاة من عقار ورقيق ، فإن احتاج إليه كدار يسكنها أو دابة يركبها أو أمة يستخدمها حلت له الزكاة ، وإن كانت قيمته أكثر من نصاب ، وما استغنى عنه من ذلك اعتبرت قيمته ، فإن بلغت نصابا حرمت عليه الزكاة ، وإن نقصت عن نصاب حلت له الزكاة .
والمذهب الثالث : مذهب الشافعي أن الغنى غير معتبر بالمال ، وإنما هو القدرة على الكفاية الدائمة لنفسه ولمن تلزمه نفقته إما بضاعة أو تجارة أو زراعة ، وبيان ذلك أن الناس أربعة أصناف : صناع ، وتجار ، وأصحاب عقار ، وأصحاب مواشي .
فأما الصناع فكالفلاحين والملاحين والنجارين والبنائين ، فإن كان الواحد منهم يكتسب بضاعته قدر كفايته على الدوام لنفسه ، ولمن تلزمه مؤنته حرمت عليه الزكاة ، وإن لم