الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص517
أعطاهم من سهم النبي ( ص ) من الفيء والغنيمة فلو أعطاهم من السهمان ما رأيت ذلك ضيقا فاختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة مذاهب :
أحدها : يخرج ذلك على قولين :
أحدهما : أن يتممها من سهام أهل السهمان لاختصاصهم بالعمل فيها .
والثاني : يتممها من مال المصالح وهو سهم النبي ( ص ) من الفيء والغنيمة لأن ذلك من جملتها ولأن لا يفضلوا على أهل السهمان .
والمذهب الثاني : أن ليس ذلك على قولين ، ولكن للإمام اجتهاد رأيه في أحد الأمرين فأيهما أداه اجتهاده إليه كان مذهبنا .
والمذهب الثالث : أن ذلك على اختلاف حالين ، فإن كان في أهل السهمان تماسك يقنعهم الباقي بعد أجور العاملين تممت أجورهم من مال الصدقات ، وإن كانوا ذوي فاقة لا يتماسكون بما يبقى تممت أجورهم من مال المصالح والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح قد ذكرنا أن مال الصدقات مقسوم على الموجودين من أهلها فإن كملوا قسمت على ثمانية أسهم ، وإن قلوا قسمت على من وجد منهم فإن كان الموجودون بعد العاملين ثلاثة أصناف الفقراء والغارمون والمساكين ، قسمت الصدقة على ثلاثة أسهم متساوية سواء تساوى أصناف في الأعداد والحاجة أو تفاضلوا فإذا كان الفقراء على المثل الذي صوره الشافعي عشرة والمساكين عشرين ، والغارمون خمسة ، وقد قسمت الصدقة على ثلاثة أسهم متساوية فكان كل سهم منها ألف درهم قسم سهم الفقراء عليهم ، وهو الألف على قدر حاجاتهم فإنه ربما تفاضلت حاجاتهم ، وربما تساوت ، فيقسم على الحاجة لا على العدد ، وكذلك سهم المساكين يقسم بينهم على قدر حاجاتهم ، ويقسم سهم الغارمين على قدر ديونهم ، كما يقسم مال المفلس بين غرمائه على قدر ديونهم لا على أعداد رؤوسهم .
فإن قيل : فأيهم يبدأ بالعطاء قبل أن يعجل حضور أحدهم ، وتأخر الباقون بدأ بمن تعجل حضوره على من تأخر ، وإن حضروا جميعا ، فقد قيل : يبدأ بأشدهم حاجة وأمسهم