پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص514

فصل :

فإذا تقرر أن المجتاز والمنشئ سواء فلا يخلو حاله فيما ينشئه من سفر من ثلاثة أقسام :

إما أن يكون في طاعة أو يكون في معصية أو يكون مباحا ، فإن كان سفره طاعة كالحج وطلب العلم وزيارة الوالدين أعطى من سهم ابن السبيل معونة على سفره وطاعته ، وإن كان سفره معصية كالسفر لقطع الطريق وإتيان الفجور ، فلا يجوز أن يعطى ولا يعان على معصية كما يمنع من رخص سفره ، فإن تاب العاصي في سفره صار بعد التوبة كالمبتدئ للسفر فيعطى نفقة باقي سفره بعد توبته وإن كان سفره مباحا فعلى ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكون لغير حاجة كالسفر إلى نزهة وتفرج فلا يجوز أن يعطى وإن أبيحت له الرخص لأن مال الصدقات مصروف إلى ذوي الحاجات وليس هذا منها ولكن لو سافر للنزهة بماله ثم انقطعت به النفقة لعوده جاز أن يعطى لحاجته وضرورته .

والقسم الثاني : أن يكون لحاجة ماسة كالسفر في طلب غريم هرب أو عبد آبق أو جمل شرد فهذا يعطى لسد حاجته .

والقسم الثالث : أن يكون لحاجة لكنها غير ماسة كالسفر في تجارة ففي جواز إعطائه وجهان :

أحدهما : يعطى لوجود الحاجة .

والثاني : لا يعطى لأنه طالب للاستزادة .

فصل :

فإذا ثبت من يجوز إعطاؤه من بني السبيل فلا يخلو إما أن يكون منشئا للسفر أو مجتازا فيه ، فإن كان منشئا لسفره لم يجز أن يعطى إلا مع الفقر وهو بالخيار بين أن يأخذ من سهم الفقراء والمساكين ومن سهم ابن السبيل ، وإن كان مجتازا في سفره جاز أن يأخذ مع العدم في سفره وإن كان غنيا في بلده ولم يجز أن يأخذ إلا من سهم بني السبيل ولا يأخذ من سهم الفقراء والمساكين لمراعاة الجوار في الفقر ، وليس المجتاز جارا ثم يعطى عند اتساع المال بحسب مسافة سفره ، فإن أراد العود أعطي نفقة ذهابه وعوده ونفقة ثلاثة أيام هي مقام المسافر في بلاد سفره ، وإن لم يرد العود أعطي نفقة الذهاب وحده ولم يعطي نفقة ثلاثة أيام لانتهاء سفره بالقدوم ، فإن قصر بعد المسافة في نفقته وضيق على نفسه حتى بقيت معه بقية بعد انتهاء سفره استرجعت منه .

والفرق بينه وبين الغازي حيث لم تسترجع منه بقية نفقته أن الغازي كالمعاوض على غزوه عناء فلم يلزمه رد الباقي لاستكمال العمل والمسافر معان على سفره فلزمه رد ما زاد على معونته ، فإن أخذ ابن السبيل نفقة سفره ثم أفاد قدر نفقته استرجع منه ما أخذ ، ولو أخذ الفقير ثم أفاد ما زال به فقره لم يسترجع منه ما أخذه .

والفرق بينهما أن ابن السبيل يعطى لأمر منتظر فاعتبرت حاله فيما بعد والفقير يعطى للحال التي هو فيها فلم تعتبر حاله من بعده ، ولو أن ابن السبيل أخذ نفقة سفره إلى غاية