پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص513

والثاني : أن يكون فارسا أو راجلا فإذا أعطي ذلك فلم يغز استرجع منه وإن غزا فبقيت بقية لم تسترجع ، لأن ما أخذه في مقابلة عمل قد عمله فلو خرج للغزو ثم عاد قبل لقاء العدو فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يرجع قبل دخول أرض العدو فهذا يسترجع منه جميع ما أخذه ولا يعطى منه قدر نفقته ، لأن المفقود من غزوه قد فوته بعوده .

والضرب الثاني : أن يرجع بعد دخول أرض العدو ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن تكون وقفة مع المشركين قابل فيها المجاهدون فتأخير هذا عن حضورها فهذا يسترجع منه ما أخذه ، لأن المقصود بالغزو لقاء العدو .

والضرب الثاني : أن لا تكون وقفة ولا حارب المجاهدون فيها أحدا لبعد المشركين عنهم فهذا لا يسترجع منه ما أخذه لأن المقصود بغزوهم هو الاستيلاء على ديارهم وقد وجد لبعدهم .

مسألة :

قال الشافعي : ‘ وابن السبيل عندي ابن السبيل من أهل الصدقة الذي يريد البلد غير بلده لأمر يلزمه ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح .

وبنو السبيل هم صنف من أهل السهمان قال الله تعالى : ( وفي سبيل الله وابن السبيل ) وبنو السبيل هم المسافرون ؛ لأن السبيل الطريق سموا بها لسلوكهم لها وهم ضربان : مجتاز ، ومنشئ .

فأما المجتاز فهو المار في سفره ببلد الصدقة .

وأما المنشئ : فهو المبتدئ لسفره عن بلد الصدقة وهما سواء في الاستحقاق .

وقال أبو حنيفة ومالك : ابن السبيل من أهل السهمان هو المجتاز دون المنشئ استدلالا بقوله تعالى : ( وابن السبيل ) يعني ابن الطريق وهذا ينطبق إلى المسافر المجتاز دون المنشئ الذي ليس بمسافر مجتاز .

ودليلنا هو أن ابن السبيل يعطى لما يبتدئه من السفر لا لما مضى منه فاستوى فيه المجتاز والمنشئ ؛ لأن كل واحد منهما مبتدئ ؛ لأن المسافر لو دخل بلدا أو نوى إقامة خمسة عشر يوما صار في حكم المقيمين من أهله ويصير عند إرادة الخروج كالمنشئ ثم يجوز بوفاق فكذا كل مقيم منشئ وفيه انفصال عن الاستدلال .

فإن قيل : فكيف يسمى من لم يسافر مسافرا .

قيل : كما يسمى من لم يحج حاجا ومثل ذلك قوله تعالى : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم ) [ البقرة : 282 ] .