پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص505

السُهمان بلام التمليك إلا الرقاب فهو أنه قد قال مثل ذلك في الغزاة وبني السبيل فقال : ( وفي سبيل الله وابن السبيل ) لا يقتضي ذلك أن لا يدفع إليهم تمليكا كذلك الرقاب .

وأما الجواب عن استدلالهم فيها بأن المكاتبين من جملة الغارمين ، فمن وجهين :

أحدهما : أنهم غير الغارمين ، لأن ديونهم غير مستقرة وديون الغارمين مستقرة .

والثاني : أنهم وإن تقاربوا في المعنى فإن يستفاد بذكرهم أن لا يقتصر على الغارمين لو لم يذكروا وعليهم دون الغارمين ؛ لأنهم منهم وجرى ذلك مجرى ذكر الفقراء والمساكين وإن كانوا متقاربين يستغني بذكر أحدهما عن ذكر الآخر ؛ لأن لا يقتصر على أحدهما حتى يلزم الجمع بينهما .

وأما الجواب عن استدلالهم بالكفارات فهو أن المأمور بإخراجه في الكفارات هو العتق لذلك لو أعتق رقبة يملكها أجزأه ، والمأمور بإخراجه في الصدقات هو المال ولذلك لو أعتق رقبة يملكها لم يجزه فافترقا .

فصل :

فإذا ثبت أن سهم الرقاب مصروف في المكاتبين فلا يخلو حال المكاتب من أحد أمرين :

إما أن يكون قادرا على ما عليه من مال الكتابة أو عاجزا عنه ، فإن كان قادرا عليه وذلك بأحد وجهين : إما بمال في يده بقدر الباقي من مال كتابته أو بصناعة يكتسب به فذلك يكونا في الحكم سواء ولا يجوز أن يدفع إليه من شيء من الصدقات لأنها مصروفة في ذوي الحاجات وليس هذا المكاتب منهم وإن كان عاجزا عما عليه من مال الكتابة فلا يخلو حاله من أحد أمرين : إما أن يكون نجم الكتابة قد حل عليه أو لم يحل ، فإن كان نجم الكتابة قد حل عليه ، واستحق السيد المطالبة به دفع إليه وكان رب المال والعامل بالخيار بين أن يدفعه إلى المكاتب حتى يدفعه المكاتب إلى سيده أو يدفعه ابتداء إلى السيد بأمر المكاتب أو بغير أمره ، وإن كان نجم الكتابة لم يحل ومطالبة المكاتب به لم تجب ففي جواز الدفع إليه وجهان :

أحدهما : لا يدفع إليه لأنه غير محتاج إليه .

والثاني : يدفع إليه لأنه قد يحل مال النجم فيحتاج إليه .

فصل :

فإذا تقرر ما وصفنا لم يخل المكاتب بعد الدفع إليه من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يعتق بالأداء فقد استقر استحقاق ما أخذه من كتابته .

والقسم الثاني : يعتق بغير أداء مال الصدقة وذلك إما بإبراء السيد له أو بأداء آخر عنه أو بأدائه من كسبه فيكون الحكم في هذه الأحوال الثلاثة سواء ، وينظر فإن كان ذلك في النجم الأخير استرجع منه ما دفع إليه ؛ لأنه لم يكن للأخذ تأثير في المقصود من عتقه ، وإن كان فيما قبل النجم الأخير وقد أداه فيه لم يسترجع ، لأنه قد كان لذلك الدفع تأثير في تحرير العتق ولو استرجع لم يعتق .