الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص504
من كل صدقة ولا يمكن إذا جعل سهم الرقاب في العتق أن يعتق سهمهم من كل صدقة وإذا جعل في المكاتبين أمكن أن يدفع إليهم من كل صدقة .
والسادس : أنه لو صرف سهم الرقاب في مكاتبين وبقي عليهم من آخركم آخر نجم ما يعتقون به فأعطوا ما عتقوا به أجزأ ، ولو خرجوا من حكم الآية لم يجز كالعتق في الكفارة فدل على أنهم المراد بالآية .
والسابع : أن الله تعالى لو أراد بالرقاب المعتق لقرنه بذكر التحرير كالكفارة حيث قال : ( فتحرير رقبة مؤمنة ) ولا يقتضي أن يحمل مطلق الرقاب في الصدقة على المقيد منها في الكفارة لأن في المطلق في الرقاب ما يجزئ ، وهو ما ذكرنا من المكاتبين ، فكان حمل المطلق على المطلق أولى من حمله على المقيد ، وخالف تقييد الشهادة بالعدالة في موضع وإطلاقها في آخر ، لأنه ليس في الشهادة مال يعتبر فيه العدالة ، فلذلك وجب حمل المطلق على المقيد ، ويدل عليه من طريق الاعتبار أنه صنف من أهل الصدقة فوجب أن يكونوا على صفة يستحقوا بها الأخذ قياسا على سائر الأصناف ، ولأن العتق يقتضي ثبوت الولاء للمعتق فلو أعتق سهم الرقاب لم يخل أن يثبت على المعتق ولاء أو لا يثبت فإن لم يثبت عليه ، ولا سلب حكم العتق .
وقد قال النبي ( ص ) : ‘ الولاء لمن أعتق ‘ وإن ثبت عليه الولاء لم يخل أن يكون لرب المال أو لغيره فلم يجز أن يكون لغيره ؛ لأنه غير معتق بماله ولم يجز أن يكون لرب المال لأمرين :
أحدهما : أنه ما اشتراه ولا اشترى له .
والثاني : أنه لا يستفيد بإخراج زكاته ملكا كسائر الأصناف فثبت امتناع العتق .
فإن قيل : فلو أخذ الغارم سهمه وعليه لرب المال دين جاز أن يستعيده من دينه فيصير ملكا له .
قيل : ليس هذا في كل غارم ولا الغارم الذي عليه الدين يلزمه رد ذلك بعينه ، لأنه لو دفع غيره أجزأ .
فأما الجواب عن استدلالهم من الآية من أن مطلق الرقبة يتناول العبد القن دون المكاتب فهو أن ادعاء ذلك غير مسلم ؛ لأنه إن أطلق تناول القن وغيره وإن قيد بقرينة كالتحرير تخصص لأجل القرينة بالقن دون غيره فلما أطلق ذكر الرقاب في الصدقة ، وجب أن يحمل على عمومه ولا يجري مجرى ما خص في الكفارة بقرينة .
وأما الجواب عن استدلالهم من الآية بأن الله تعالى أضاف الصدقات إلى أهل