الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص503
الرقاب ) فاختلف الفقهاء فيهم فذهب الشافعي إلى أنهم المكاتبون يعطون المسمى لهم يستعينون به في مال كتابتهم ولا يبتدئ عتق رقاب تشترى ، وهو في الصحابة قول علي بن أبي طالب عليه السلام .
وفي التابعين قول سعيد بن جبير والنخعي .
وفي الفقهاء قول أبي حنيفة والثوري .
وقال مالك : الرقاب أن يبتدأ عتق رقاب تشترى وهو في الصحابة قول عبد الله بن عباس ، وفي التابعين قول الحسن البصري ، وفي الفقهاء قول أحمد وإسحاق استدلالا بقوله تعالى : ( وفي الرقاب ) وفيها ثلاثة أدلة :
أحدها : أن مطلق اسم الرقبة يتناول العبد القن دون المكاتب بدليل قوله تعالى : ( تحرير رقبة ) يقتضي عتق العبد القن دون المكاتب .
والثاني : أن الله تعالى أضاف سهمان الصدقات إلى الأصناف بلام التمليك : ( إنما الصدقات للفقراء ) وخالف صيغة اللفظ في الرقاب بأن حذف لام التمليك ، فقال : وفي الرقاب فجعل ذلك فيهم ولم يجعله لهم فاقتضى أن لا يملكه المكاتبون ويشتري به عبيد يعتقون ليصح أن يكون فيهم ولا يكون لهم .
والثالث : أن المكاتبين من جملة الغارمين فلو أريدوا بالآية لاكتفى بذكر الغارمين عن ذكرهم ولأن ما وجب من أموال الطهرة نوعان زكوات وكفارات فلما كان في الكفارات عتق وجب أن يكون في الزكوات عتق .
وتحريره : أنه أحد نوعي الطهرة فوجب أن يختص بعتق ، ويفرقه كالكفارات ودليلنا قوله تعالى : ( وفي الرقاب ) [ التوبة : 60 ] ومنه سبعة أدلة :
أحدها : أن الله تعالى جعل ذلك في الرقاب لا في السادة ، وملك يجعله في السادة لا في الرقاب .
والثاني : أن سائر الأصناف لما استحقوا الأخذ وجب أن يكون صنف الرقاب مستحقا الأخذ .
والثالث : أن الله تعالى ذكر في الآية ثمانية أصناف وقرن فيها بين كل صنفين يتقارب معناهما فنقارب في حاجتنا إليهم وفرق بين سبيل الله وابن السبيل لأن معناهما متقارب في اختصاصهم بقطع مسافة ، وفرق بين الرقاب والغارمين ، فوجب أن يكون معناهما متقاربا فلما أخذ الغارمون لما في الذمة اقتضى أن يأخذ الرقاب لما في الذمة .
والرابع : أن الله تعالى جعل المصروف إلى الأصناف صدقة وفي صرفه في العتق يصير ثمنا يخرج عن حكم الصدقة .
والخامس : أن الله تعالى جعل كل صنف من أهل الصدقة ممن يمكن دفع سهمه إليه