الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص484
والوجه الثاني : أنهم أحق بها وإن فرقت في غيرهم من أهل البلد لم يجزه إذا قيل إن نقل الزكاة ، ولا يجزئ لقوله تعالى : ( والجار ذي القربى والجار الجنب ) [ النساء : 36 ] يعني الجار ذي القربى الجار القريب في نسبه ، وبالجار الجنب البعيد في نسبه ، فاعتبر في القريب والبعيد الجوار ثم قال ‘ والصاحب بالجنب ‘ وفيه ثلاثة تأويلات :
أحدها : أنه الرفيق في السفر [ وهو قول ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ] .
والثاني : أنه الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك [ وهو قول ابن زيد ] .
والثالث : أنها الزوجة التي تكون إلى جنبك [ وهو قول ابن مسعود ] .
هذا إذا كان رب المال هو المفرق لزكاته فأما إن فرقها الإمام أو عامله فجميع أهل البلد فيها سواء ، لما في مراعاة الإمام لذلك مع اجتماع الزكوات بيده في المشقة التي لا يقدر عليها ولا يمكنه حفظها فأما زكاة الفطر ، فإن كان مال المزكي في بلد أخرجها منه ، وإن كان ماله في غير بلده ففيها وجهان :
أحدهما : أن يراعى فيه بلد المال لا بلد المزكي لتعلق وجوبها بالمال فكان بلد المال أحق أن يراعى كسائر الزكوات .
والثاني : أن يراعى فيه بلد المزكي لأنها عنه لا عن ماله فكان بلده أن يراعي إخراجها فيه أولى من بلد ماله .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن الزكاة مستحقة للأصناف الثمانية المنصوص عليهم في كتاب الله تعالى فإذا كانوا هم المستحقون لها لم يخل حالها من ثلاثة أقسام .
إما أن يفرقها رب المال بنفسه أو يدفعها إلى الإمام أو يدفعها إلى عامل الإمام عليها ، فإن فرقها رب المال بنفسه سقط منها سهم العاملين عليها لفقد عملهم فيها ، ووجب قسمها على الأصناف السبعة على سبعة أسهم متساوية لا يفضل صنفا على سهمه ، وإن كانوا أمس حاجة ولا ينقص صنفا عن سهمه وإن كانوا أقل حاجة ، لأن الله تعالى تولى قسمتها بنفسه وقطع الاجتهاد فيها بتفضيل أو نقصان ، فإن فضل صنفا على غيره كان التفضيل متطوعا وضمن للمفضول قدر حصته من الفضل كما لو أسقط جميع سهمه صار لجميعه ضامنا .
فأما سهم كل صنف فإن قدر على تفريقه في جميع الصنف كان أولى ، وإن فرقه في بعض الصنف أجزأه إذا فرقه في ثلاثة منهم فصاعدا ، ولا يجزئه إن يفرقه في أقل من ثلاثة إذا وجدوا لأنهم أقل الجمع المطلق ، وله الخيار في الصنف الواحد بين التسوية بينهم والتفضيل ، والأولى أن يكون بينهم على قدر حاجتهم فإن تساووا في الحاجة سوى بينهم في العطية ، وإن كان لو فاضل أجزأ وإن تفاضلوا في الحاجة فاضل بينهم في العطية ، وإن