الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص483
وأما حديث قبيصة بن المخارق فمحمول على أحد وجهين :
إما على ما في سواد المدينة من الصدقات أو على ما لم يوجد في بلد المال مستحق لها .
وأما قول معاذ ‘ ائتوني بخميس أو لبيس ‘ فإنه محمول على مال الجزية ، لأن المهاجرين بالمدينة من بني هاشم وبني المطلب يصرف إليهم الجزية ، ولا تصرف إليهم الزكاة .
وأما نقل عدي بن حاتم صدقات قومه ففيه أجوبة :
أحدها : أنه يجوز أن يكون قومه حول المدينة وفي سوادها فنقل زكاتهم إلى أهل المدينة .
والثاني : أنه يجوز أن يكون نقلها ومستحقوها بالمدينة ليتولى رسول الله ( ص ) قسمها فيهم .
والثالث : أنه أظهر الطاعة بنقلها لا سيما وقد منع الناس الزكاة على عهد أبي بكر ثم يجوز أن يكون ردها إليه ليفرقها ، على أنه قد روي عن أبي بكر أنه رد عليه صدقات قومه وأما الكفارة فالفرق بينهما وبين الزكاة في الجواز ما جعلوه فرقا بينهما في الكراهة لأنهم كرهوا نقل الزكاة ولم يكرهوا نقل الكفارة .
وكذلك الجواب عن الجمع بين الصلاة والزكاة أن الفرق بينهما في الكراهة فرق بينهما في الجواز على أن الصلاة لا ينتفع أهل البلد بإقامتها فيهم ، وينتفعوا أهل البلد بتفريق الزكاة فيهم فجاز أن يكون لهم في فريق الزكاة حق ، وإن لم يكن لهم في إقامة الصلاة حق .
أحدهما : أنهما من المال لمسافة أقل من يوم وليلة ؛ لأنها مسافة الإقامة التي لا يقصر في مثلها الصلاة فكانت حدا لمستحق الزكاة .
والوجه الثاني : أنها البلد الذي فيه المال ، وما أحاط به ببنائه دون ما خرج عنه ، وإن كانت زكاة زرع وثمر في صحراء لا بنيان فيها ففي أقرب البلاد والبنيان إليها ، وسواء كان البلد صغيرا أو كبيرا يكون جميع أهل البلد مستحقين لها ، وإن كانت زكاة مال ناض ، فإن كان البلد صغيرا فجميع أهله فيه سواء ، وإن كان البلد واسعا كالبصرة وبغداد كان جبران المال من أهل البلد أخص بها من غيرهم ، وهل يكون ذلك من طريق الأولى أو من طريق الاستحقاق على وجهين :
أحدهما : أنهم أولى بهما لأجل الجوار ، وإن لم يكونوا أحق فإن فرقت في غيرهم من أهل البلد أجزأ وإن عدل عن الأولى .