پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص482

وروي أن عدي بن حاتم حمل صدقة قومه إلى رسول الله ( ص ) ثم إلى أبي بكر من بعده .

وروي أن معاذ بن جبل قال لأهل اليمن ائتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم مكان الذرة والشعير ، فإنه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة ، فدل على أنه قد كان ينقل على عهد رسول الله ( ص ) زكاة اليمن إلى المدينة ، ولأن ما لزم إخراجه للطهرة لم يختص ببلده كالكفارة ولأنه لما جاز فعل الصلاة في غير بلد الوجوب جاز نقل الزكاة إلى غير بلد الوجوب .

إذا قيل بالقول الثاني إن ذلك لا يجزئ وهو القول الأصح ، فدليله قول رسول الله ( ص ) لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، فإن أجابوك فأعلمهم أن في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم .

فجعل وجوب أخذها من أغنياء اليمن موجبا لردها على فقراء اليمن .

فإن قيل : فلا يمنع ذلك من نقلها عن بلد من بلاد اليمن إلى غيرها من بلاد اليمن ، وإن دل على المنع من نقلها إلى غير اليمن .

قيل لما جعل محل الوجوب محل التفرقة اقتضى أن يتميز فيها بلاد اليمن كما يتميز بها جميع اليمن على أن من جوز نقلها سوى في الجواز بين الأقليم الواحد والأقاليم ، ومن منع من نقلها سوى في المنع بين الأقليم الواحد والأقاليم ، وقد روي عن معاذ أنه قال أيما رجل انتقل من مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف عشيرته فجعله النقلة عن المكان بعد وجوب الزكاة فيه يمتنع من نقلها عنه ، وذلك صادر عنه بالأمر الذي تقدم به رسول الله ( ص ) إليه فصار كالمنقول عنه نصا ، ولأن حقوق الله تعالى ضربان :

أحدهما : على الأبدان .

والثاني : في الأموال .

فلما كان في حقوق الأبدان ما يختص بمكان دون مكان ، وهو الطواف والسعي والوقوف بعرفة وجب أن يكون في حقوق الأموال ما يختص بمكان دون مكان ، وهو الزكاة ولأن اختصاص الزكاة بالمكان كاختصاصها بأهل السهمان ، فلما لم يجز نقلها عن أهل السهمان لم يجز نقلها عن المكان .

وأما الأجوبة عن دلائل القول الأول فالآية قصدها بيان أهل السهمان دون المكان فلم يعدل بها عن مقصودها .