الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص480
الصدقات فقال له النبي ( ص ) إن الله تعالى لم يرض في قسمة الصدقات بنبي مرسل ولا ملك مقرب فتولى قسمتها بنفسه وجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك .
فأخبر أنها مقسومة ثمانية أجزاء ، وإن الواحد لا يعطى منها إلا قدر حقه ، وهذا نص لا يحتمل خلافه ولأنه مال أضيف شرعا إلى أصناف فلم يجز أن يختص به بعض تلك الأصناف كالخمس ولأنه مال لو جعل لصنف واحد لم يعده فوجب إذا جعل الأصناف أن يقتسموه كالوصايا ولأن الفقراء أحد أصناف الصدقات فلم يجز أن يختصوا بها كالعاملين .
فأما الجواب عن استدلالهم بقوله تعالى : ( وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ) فهو أن المقصود بالآية تفضيل الإخفاء على الإبداء لإتيان المصرف ، وإنما قصد بيان المصرف في قوله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) الآية فوجب أن يقضي بهذه الآية على تلك أو تحمل هذه على الفرض وتلك على التطوع .
وكذلك الجواب عن قوله تعالى : ( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ) على أنه جعل للسائل والمحروم في ذلك حقا ولا يمتنع أن يكون لغيرهم فيه حق .
وأما الجواب عن قوله ( ص ) ‘ أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها في فقرائكم ‘ فمن وجهين :
أحدهما : أنه متروك الظاهر لأن أبا حنيفة وإن جوز دفعها إلى الفقراء فليس يمنع من صرفها في غيرهم من الأصناف فيكون معنى قوله في ‘ فقرائكم ‘ أي في ذوي الحاجة منكم وجميع أهل الأصناف من ذوي الحاجات وإن اختلفت حاجاتهم .
والجواب الثاني : المقصود بالخبر عود الصدقات علينا وأن الرسول ( ص ) لا يستبد بشيء منها دوننا فحمل الخبر على مقصوده كالذي رواه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي ( ص ) أنه قال في سائمة الإبل في كل أربعين ابنة لبون من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عزمه من عزمات ربنا ليس لآل محمد منها شيء فحمل هذا الخبر على المقصود به في أنه ليس لآل محمد فيها شيء ، ولم يحمل على أخذ الشطر إن منع .
وأما الجواب عن حديث سلمة بن صخر الأنصاري . فمن وجهين :
أحدهما : أنه يحتمل أن يكون صدقة بني زريق كانت وقفا لا زكاة فلا يكون فيها دليل .
والثاني : أن معناه فليدفع إليك حقك منها ، أو يكون : لم يبق منها إلا حق فيعتبر واحد فدفعه إليه .