پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص478

والثاني : أنه لو اعتبر به الدافن لما جاز أن يملك الواجد أربعة أخماسه ، ولكان إما ملكا للغانمين أو لأهل الفيء فيثبت أن اعتباره بحال الواجد أولى من اعتبار بحال الدافن والله أعلم .

مسألة :

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ وقسم الصدقات كما قال الله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ) ثم أكدها وشددها فقال ‘ فريضة من الله ‘ الآية وهي سهمان ثمانية لا يصرف منها سهم ولا شيء منه عن أهله ما كان من أهله أحد يستحقه ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال قسم الصدقات يستحق في الأصناف الثمانية ، ولا يجوز الاقتصار على بعضها مع وجود جميعها وقال أبو حنيفة يجوز اقتصار أي الأصناف شاء ، وإن دفع جميع الزكاة إلى نفس واحدة من صنف واحد أجزأه .

وقال مالك : يدفعها إلى أمس الأصناف حاجة .

وقال إبراهيم النخعي : إن كثرت الزكاة دفعها إلى الأصناف كلها ، كما قال الشافعي وإن قلت دفعها إلى أي الأصناف شاء كما قال أبو حنيفة .

واستدلوا بقوله تعالى : ( إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ) [ البقرة : 271 ] فجعل تخصيص الفقراء بها خيرا مشكورا فدل على جوازه ، وصرف ذلك في حقه وبقوله تعالى : ( والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) [ المعارج : 24 ، 25 ] فدل على جواز تفردهم به ، وبما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها في فقرائكم ‘ ، وبما روي من أن سلمة بن صخر الأنصاري ظاهر من امرأته فذكر للنبي ( ص ) عجزه عن الكفارة ، فقال له انطلق إلي بصدقة بني زريق فتلدفع إليك فأطعم منه وسقا من تمر ستين مسكينا ، وكل أنت وعيالك بقيتها ، فدل نص هذا الخبر على جواز دفعها إلى نفس واحدة عن صنف واحد .

قالوا : ولأن الله تعالى خص الأصناف الثمانية بالذكر كما خص الصنف الواحد بالذكر ، فلما لم يلزم استيفاء جميع الصنف وجاز الاقتصار على بعضه لم يلزم استيفاء جميع الأصناف ، وجاز الاقتصار على بعضها ويتحرر منه قياسان :

أحدهما : أنها صدقة يجوز أن يخص بها بعض الفقراء فجاز أن يخص بها بعض الأصناف كالكفارات .

والثاني : أن من جاز الاقتصار عليه في الكفارات جاز الاقتصار عليه في الزكوات ، قياسا على بعض الفقراء .