الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج8-ص476
والثمر يسمى عشرا ، والمأخوذ من الماشية يسمى صدقة ، والمأخوذ من الذهب والورق يسمى زكاة ، ولا يجعل لاختلاف الأسماء تأثيرا في اختلاف الأحكام .
وقال أبو حنيفة : هي مختلفة الأسماء على ما ذكرنا ، واختلاف الأسماء يدل على اختلاف الأحكام فخص المأخوذ من الزرع والثمر باسم العشر دون الصدقة والزكاة ، وجعل حكمه مخالفا لحكم الصدقة والزكاة من وجهين :
أحدهما : وجوب العشر في مال المكاتب والذمي ، وإن لم يجب في مالهما صدقة ولا زكاة .
والثاني : جواز مصرف العشر في أهل الفيء ، وإن لم تصرف فيهم صدقة ولا زكاة .
وقال الشافعي في الجديد : الأسماء المشتركة والأحكام متساوية ، وإن المأخوذ من الزرع والثمر يجوز أن يسمى صدقة وزكاة ، أما تسميته بالصدقة فلقوله ( ص ) : فما دون خمسة ، أوسق من التمر صدقة ، وأما تسميته زكاة فلقوله ( ص ) في الكرم : ‘ يخرص كما يخرص النخل ثم تؤدى زكاته زبيبا كما تؤدى زكاة النخل ثمرا ‘ وإذا ثبت أن الأسماء مشتركة ثبت أن الأحكام متساوية ، ولأنه لما ثبت ذلك في مال المسلم ، وقد قال رسول الله ( ص ) : ‘ ليس في المال حق سوى الزكاة ‘ ثبت أنه زكاة ، ولأن كل ما كان طهرة للمسلم في ماله كان زكاة لماله كالزكاة .
قال الماوردي : وهذا كما قال كلما وجب في مال المسلم من حق ، إما بحلول الحول كالمواشي وزكاة الذهب والورق أو بتكامل المنفعة كالزروع والثمار أو بالاستفادة كالمعادن والركاز أو عن رقبة كزكاة الفطر ، فمصرف جميعه واحد في السهمان الموضوعة في الزكوات والصدقات بقوله تعالى : ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين ) الآية إلى أنه ما تجب زكاته بالحول إذا حال عليه في يده أحوال زكاة في كل حول كالمواشي والذهب والورق ، وما يجب زكاته بتكامل المنفعة كالزروع والثمار ، إذا بقي في يده أحوال لم يزكه إلا الزكاة الأولى وما استفيد من معادن الذهب والورق أو ركاز زكي في كل حول ؛ لأنهما ذهب وورق يراعى فيها بعد الاستفادة حلول الحول ، وخولف الشافعي في هذه الجملة في أربعة أشياء :
أحدها : الزروع والثمار ، فجعل أبو حنيفة مصرف عشرها مصرف الفيء دون الزكاة ، وقد مضى الكلام معه في كتاب الزكاة .